ومن العجب : أن يكون الرجل في منزله ، فيسمع الأذان ، فيقوم فزعا يتهيأ ، ويخرج من منزله يريد الصلاة ، ولا يريد غيرها ثم لعله يخرج في الليلة المطيره المظلمة ، ويتخبط في الطين ، ويخوض الماء وتبتل ثيابه ، وان كان في ليالي الصيف : فليس يأمن العقارب والهوام في ظلمة الليل ، ولعله مع هذا : أن يكون مريضا ضعيفا ، فلا يدع الخروج إلى المسجد ، فيتحمل هذا كله إيثارا للصلاة ، وحبا لها ، وقصدا إليها ، لم يخرجه من منزله غيرها ، فإذا دخل مع الإمام في الصلاة خدعه الشيطان ، فيسابق الإمام في الركوع والسجود والرفع والخفض ، خدعا من الشيطان له ، لما يريد من إبطال صلاته ، وإحباط عمله ، فيخرج من المسجد ولا صلاة له.
ومن العجب : أنهم كلهم يستيقنون أنه ليس أحد ممن خلف الإمام ينصرف من صلاته حتى ينصرف الإمام ، وكلهم ينتظرون الإمام حتى يسلم ، وهم كلهم - إلا ما شاء الله - يسابقونه في الركوع والسجود والرفع والخفض ، خدعا من الشيطان لهم ، واستخفافا بالصلاة منهم ، واستهانة بها ، وذلك حظهم من الإسلام ، وقد جاء الحديث قال : (لاحظ في الإسلام لمن ترك الصلاة )(1)، فكل مستخف بالصلاة مستهين بها : هو مستخف بالإسلام مستهين به .
Página 53