قال: «نعم، ولكن السلطان يقدر أن يطمع في الخلافة.»
فحول وجهه عنه بازدراء وقال: «لا فائدة من مطمع لا سبيل إليه.»
فقال: «لم أعهدك متسرعا ، متى علمت الطريق الذي اخترته غيرت ظنك في الأمر.»
قال: «وماذا عسى أن يكون الطريق؟» قال: «طريق الزواج وقد خطبت له سيدة الملك أخت الخليفة فإذا تزوجها فابنه منها يكتسب حقا في الخلافة إذا اتحدت معه القوة كفى لنيل هذا المنصب كما أراد طغرل بك السلجوقي أن يفعل و...»
فقطع بهاء الدين كلامه قائلا: «فهمت ما تريده وهو نعم الرأي، ولكن هل رضي الخليفة أن يزوج أخته لهذا المولى الكردي؟» ثم ضحك وقال: «لا أظنه يرضى.» قال: «إذا لم يرض طوعا رضي كرها. وقد وعدنا بالجواب بعد قليل.»
فقال قراقوش: «لقد أذكرتني أمرا جئت من أجله وشغلتني عنه بحديثك. إن عماد الدين خادم السلطان ارتكب شططا لا أدري إذا علم به السلطان ما يكون قصاصه خصوصا بعد ما علمته من خطبته و...»
فقطع الهكاري كلامه قائلا: «لا تقل خادم السلطان، بل قل صاحبه وحارسه الخاص.»
قال: «ومتى بلغ هذا المنصب؟»
قال: «بلغه أول من أمس على يد الأمير نجم الدين، لله هو من رجل كبير العقل عالي الهمة!»
قال: «صدقت، إن نجم الدين جدير أن يكون والد هذا السلطان. وأين هو عماد الدين؟ أحب أن أراه لأهنئه وأسأله سؤالا.» قال: «خرج من هذه المنظرة في هذا الصباح في مهمة لا يعلم أحد حقيقتها. وماذا تريد أن تسأله؟» فقص قراقوش خبر أمس كما جرى. فأظهر الهكاري ارتيابه في صحة الرواية وأكد له أن عماد الدين قضى طول ليله في الاستعداد للسفر وبرح المنظرة في الفجر. فوقع قراقوش في حيرة وعاد إلى الارتياب في الأمر، خصوصا بعد أن سمع حديث الخطبة. لكنه أراد أن يطلع صلاح الدين على ما سمعه، فاستشار الهكاري في ذلك فقال: «دعه الآن لا تخبره، لئلا يغير ذلك من عزمه على الخطبة، وأنا أحب أن يتم اقترانه لأني ضامن المستقبل بإذن الله.» •••
Página desconocida