قال: «من هو؟»
قال: «عماد الدين خادم سلطان صلاح الدين.» قال: «عماد الدين لا يعقل دخوله هنا. إن هذا الشاب من رجالنا ولا يجسر على المجيء. وكيف يمكنه أن يدخل هذا القصر ويخرج منه ولا أراه وأنا ساهر لا تفوتني حركة من حركات أهله والمفتاح بيدي، وأي غرض له من المجيء؟ لا بد من خطأ في البلاغ الذي اتصل بك.»
قال: «أنا على يقين يا أستاذ، إن عماد الدين دخل هذا القصر. وأما غرضه فيه فلا أدري ما هو. لكنني سمعت من بعض غلمان القصر أن لهذا الشاب معرفة بأهل هذا القصر قبل أن صار الأستاذ بهاء الدين قيمه والآمر الناهي فيه. بلغني أنه دخل إليه يوم واقعة العبيد و...»
فاستغرب قراقوش هذا الحديث فقال: «قل لي من أنبأك الآن بدخوله هنا؟»
قال: «خادمي وهو من العارفين بدخائل القصر وإذا شئت دعوته إليك.»
قال: «ادعه أين هو؟»
فوقف أبو الحسن بالباب ونادى: «يا غلام.» فلما دخل الغلام تذكر قراقوش أنه من قدماء الغلمان في قصور الخلفاء فقال له: «كيف تقول بدخول الرجال هذا القصر؟ ومن أنبأك بذلك؟» فالتفت الغلام إلى أبي الحسن وقال: «هل أقول ما أعرفه؟» قال: «قل.»
فالتفت الغلام إلى قراقوش وقال: «علمت بدخوله لأني رأيته داخلا القاعة الكبرى.»
فصاح فيه قائلا: «رأيته بعينيك؟» قال: «نعم يا سيدي، وقد مكث هناك مع سيدة الملك وحاضنتها مدة.» قال: «ولماذا لم تخبرني؟» قال: «لم أتجاسر خوفا من سيدتي، فبلغت الأمر إلى مولاي أبي الحسن ليبلغك إياه وهو من أقرباء أمير المؤمنين وله دالة ونفوذ. وقد فعل.»
قال: «هذا لا يمكن. لا يمكن أن يدخل أحد هذا القصر ولا أعلم به، وليس للقصر باب آخر غير هذا. إلا أن يدخل من الممر الذي يمر به الخليفة من قصر الذهب، وهذا عليه الحراس يمنعون أيا كان من المرور، فكيف يتيسر لهذا الرجل الدخول؟»
Página desconocida