Prisionera de Teherán
سجينة طهران: قصة نجاة امرأة داخل أحد السجون الإيرانية
Géneros
اقترح أرام أن نذهب إلى محطة التلفاز في اليوم التالي بعد انتهاء اليوم الدراسي. أردت الذهاب صباحا، لكنه أخبرني أننا إذا تغيبنا عن المدرسة فسوف يشعر أهلنا بالقلق، وهو لا يريد أن يقول أي شيء لوالديه حتى نتأكد من صحة ما رأيت.
وفي اليوم التالي ركبنا الحافلة إلى محطة التلفاز، ولم نقل كلمة واحدة طوال الطريق. قابلنا أولا موظفة استقبال في منتصف العمر، وشرحنا لها الموقف، فتعاطفت معنا كثيرا، وأخبرتنا أنها فقدت ابن عم لها في مظاهرة الثامن من سبتمبر. وبعد إجراء بضع مكالمات هاتفية اصطحبتنا إلى رجل ملتح يجلس في حجرة مكتب صغيرة. كان يرتدي نظارة سميكة ولم ينظر إلي قط ونحن نتحدث، بل ظل يومئ باستمرار، ثم اصطحبنا إلى غرفة كبيرة مليئة بمختلف أنواع المعدات حيث أخبرنا القصة لرجل في أواخر الأربعينيات يدعى أغا رضاي الذي وعدنا بأن يحضر لنا الشريط، وبالفعل أوفى بوعده.
حدقت أنا وأرام في الشاشة حتى رأيناه، فطلبنا من أغا رضاي أن يثبت الصورة. لم يكن لدينا شك في أنه أراش. كانت عيناه مغلقتين وفمه مفتوحا قليلا، وقميصه الأبيض ملطخا بالدماء.
شعرت أن صخرة قد سحقت صدري، وتمنيت لو كنت معه لحظة وفاته عندما كان خائفا وحيدا.
لم نستطع أن نحول بصرنا عن الشاشة فترة طويلة، وأخيرا نظرت إلى أرام فرأيت في عينيه نظرة خاوية ذاهلة، كأنه يحاول مثلي إدراك الهوة القاتلة التي خلفها الموت، والسقوط الرهيب في هاوية المجهول، والانتظار المفزع لأن تصطدم بالأرض الصلبة وتتمزق أشلاء صغيرة. لمست يده، فاستدار نحوي ونظر إلي، فتعانقنا وشاركنا أغا رضاي البكاء.
قال أرام: «علي أن أتصل بوالدي. يجب أن يعرفا في الحال.»
حضر كلاهما في غضون ساعة يبدو عليهما أثر الانكسار، فبعد ثمانية أشهر من المعاناة علينا مواجهة حقيقة موته. وجها لي الشكر. توقف عقلي ولم أستطع التفكير. عرضا علي أن يصطحباني إلى المنزل لكنني رفضت. كنت أرغب في البقاء وحدي.
ركبت الحافلة وجلست في مقعد هادئ في أحد الزوايا وأخذت أصلي، وهل كان بوسعي فعل أي شيء آخر؟ سأردد السلام الملائكي للعذراء مرارا وتكرارا؛ سأردده حتى أنال كفايتي؛ حتى أتمكن من تعويضه على أني لم أكن معه في تلك اللحظة. لكن هل سيكفي هذا؟ كان الأسى الذي يجتاح نفسي يتزايد سريعا دون أن يخالجني أي شعور بالصفح. علي أن أتقبله وأدعه يزداد ويفيض ويذهب إلى أي مكان يشاء، وإلا سيدمر روحي ويحولها إلى عدم.
وعند باب منزلنا الأمامي حاولت وضع المفتاح في الباب بيد مرتجفة، ولكنني لم أتمكن من ذلك، فقرعت الجرس، لكن أحدا لم يجب. كان الهواء الساخن المثقل بالغبار يختلط بأصوات السيارات ويجثم على صدري، فأخذت نفسا عميقا وحاولت إدخال المفتاح مرة أخرى، وفي تلك المرة فتح الباب، فأغلقته خلفي واتكأت عليه. كان الجو في مدخل البيت مظلما باردا ساكنا. كنت أشعر بالإنهاك، ومشيت بخطى متثاقلة نحو السلم وبدأت أصعد، لكنني انهرت بعد بضع درجات. بقيت فترة لا أشعر بشيء سوى برودة السلم الحجري الملامس لجسدي، ثم سمعت صوتا يناديني، وتحسس شيء دافئ وجهي، فرفعت بصري ووجدت أمي تحدق إلي، ثم أخذت تهزني. - «مارينا، انهضي!»
جذبت ذراعي، وأخيرا تمكنت من الوقوف على قدمي، واتكأت عليها حتى قادتني إلى غرفتي. كانت تخاطبني، لكني لم أكن أعي حرفا مما تقول، بل كانت كلماتها كالضباب؛ كدخان يتصاعد في الهواء، ويختفي في ضوء الشمس الذي يتسلل إلى غرفتي عبر النافذة. ساعدتني كي أجلس على فراشي. كنت بحاجة لأن أفهم ما حدث، ولماذا مات أراش. حدقت في السماء الزرقاء من النافذة.
Página desconocida