ومن كتاب هذه المجموعة هايمان ليفي
Hymen Levy
أستاذ الرياضيات بجامعة لندن وغيرها من الجامعات البريطانية، ورأيه أن فلسطين برمتها لا تعدو أن تكون أقلية صغيرة في قلب العالم العربي الكبير، وأنه من الخطأ أن يتوهم أحد أن الوطن اليهودي في فلسطين - وهو لا يضم إلا القليل من الشعب اليهودي كله - يحل المشكلة ويختتم البحث فيها، ويستطرد فيقول: «ما من أحد - إلا أن يكون أعمى البصيرة - يخفى عليه أن الدور المقبل من أدوار التاريخ الإنساني منتقل بالنظام الاقتصادي في الدنيا بأسرها إلى الاشتراكية الأممية، وفي مثل هذا النظام تمحى القضية اليهودية كما يمحى الكابوس الثقيل ... وليس العقل السليم وحده بالذي يوحي إلى اليهود أن ينخرطوا في حركة التقدم الإنساني الشامل، بل يوحيه إليهم طلب السلامة والحرص على البقاء.»
ويبحث غير واحد من كتاب المجموعة في حل المشكلة برجعة اليهود المهاجرين من ألمانيا إلى أوطانهم الأولى بعد انهزام النازية، ومن هؤلاء الباحثين «أوتو ليهمان روسفلدت
Otto Lehman Russfueldt » المولود في ألمانيا والعضو في الجماعة التي تألفت فيها باسم «عصبة الحريات المدنية» ... وفحوى كلامه أن الرجعة إلى الوطن الألماني مستحبة بعد اتخاذ الحيطة لحماية اليهود من خطر الاضطهاد، وتخويف الأمة الألمانية بالقصاص إذا تكرر ذلك الخطر على أيدي الحكومات التي تخلف حكومة النازيين، قال: «إنني - وأنا ألماني ووطني عالمي - أنظر إلى الأثر الأدبي الذي نجم من عمل اليهود في الإسكندرية أيام الدولة الرومانية، والأثر الأدبي الذي نجم بعد ذلك من عملهم في إسبانيا وهولندة، وعلى مثال أوضح من ذلك في ألمانيا نفسها، فيطيب لي أن أهنئ العائدين وغيرهم من اليهود المنتمين إلى الوطن العالمي من هذا الطراز إذا وجدوا سبيلهم إلى الديار الألمانية.»
والمصير كله معلق على مركز اليهودي بين الأمم في رأي الدكتور ليفي زلمانوفتز
Levy Zelmanovitz ، أكبر زعماء الصهيونيين في بلاد التشك، وسكرتير الحزب اليهودي في بلده، ثم رئيس المجلس اليهودي في العاصمة الإنجليزية منذ نشوب الحرب العالمية الثانية، فهذا الزعيم الصهيوني يقترح لحل مشكلة اليهود في أوروبا أن يتساوى اليهودي وغيره في جميع الحقوق السياسية، وأن تعتبر الطائفة اليهودية حيث كانت «أقلية» قومية تحميها منظمة الأمم المتحدة، ويحق لها بطبيعة الحال أن ترجع إلى تلك المنظمة لتحكم بينها وبين «الأكثرية» في وطنها كلما شجر بينهما خلاف على تطبيق الحقوق.
ومتى تقرر لليهودي حق مساو لكل حق مفروض لغيره من أبناء الوطن الواحد، وتقرر للطائفة اليهودية حق في تكوين الأقليات تحميه الدول الكبرى، فقد هانت مشكلة اليهود في العالم، وأصبحت قابلة للرقابة والإشراف.
وخلاصة هذا الحل أن شعوب العالم مطالبة بإلغاء كل فارق بينها وبين اليهود، ولكن اليهودي غير مطالب بإلغاء الفارق الذي يقيمه بينه وبين شعوب العالم، وغير مطالب بالنزول عن عقيدة الشعب المختار الذي ميزه بها «يهوه» على شعوب العالمين أجمعين، وأن دول العالم الكبرى التي تدير منظمات الأمم المتحدة مطالبة بالتدخل في شئون الأوطان الداخلية لتمكن اليهود من الاحتفاظ بعزلتهم وامتيازهم في نظر أنفسهم، وتحقيق الشكايات التي تدعيها «الأقليات» اليهودية، وتنتظر الإنصاف فيها من الدول الكبرى، ووراء هذه الدول نفوذ الصهيونية العالمية كما هو معلوم.
ولم يكتم المؤلف الذي جمع هذه الآراء طبيعة المشكلة المعروضة على ذوي الآراء لحلها والنظر إلى مصيرها، بل قال في المقدمة: «إن مسألة مصير اليهود عولجت في هذه الصفحات على القاعدة التي توجب إشراك اليهود إشراكا تاما في أوطان الشعوب المتحضرة وحلفاء الأمم المتحدة، وهي لا تنحصر في عرض قضية الوطن القومي، بل تجاوزه إلى احتمال إنشاء أوطان قومية أخرى غير فلسطين.»
Página desconocida