حاول «أوبيكا» استعادة توتره القديم دون جدوى وهو يقول: أيا منكما سأجيب؛ فأنا لست بسبعة أفواه. وعلى أية حال فإن الرجل الأبيض لم يقل شيئا حتى اللحظة التي غادرت فيها هذا الصباح، ولم نشاهده؛ لأنه مريض وعلى شفا الموت، وكان مرضه ذلك مثار القليل من الاضطراب؛ لأن المرض لا يصيب الرجل الأبيض مثل بقية الناس. نعم ، إنه نصف ميت، وكان من المفروض أن يأتي أخوه الأصغر لتبليغ رسالته إلى «إيزولو»، لكنه كان قلقا بشأن مرض أخيه، فنسي أن يأتي لرؤيتنا، ثم قال لي «إيزولو»: استعد للذهاب إلى المنزل كي لا يعتقدوا أننا جئنا لإثارة المتاعب؛ ولذلك فقد عدت.
قالت «أوجوي»: من الذي يقدم له الطعام؟
أجاب «أوبيكا»: هل تتذكرين ابن «وديكا» الذي جاء بمبعوث الرجل الأبيض إلى هنا؟ إن زوجته ابنة صديق قديم ل «إيزولو» في «أومواجو»، وهي التي كانت تعد لنا الطعام منذ الأمس، وتقول بأنها طالما هي على قيد الحياة فلا ينبغي أن يرسل «إيزولو» في طلب امرأة أخرى.
قال «أكيوبو» الذي لم يتحدث كثيرا: هل سمعتك جيدا؟ أعني، هل قلت بأن زوجة رجل من «أومونيورا» تقدم الطعام ل «إيزولو»؟ - نعم؟ - أرجوك لا تخبرني بمثل هذه القصة مرة ثانية.
نهض «إيدوجو» استعدادا للرحيل وهو يقول: نحن ذاهبون إلى «أوكبيري».
قال «أنوسي» الجار: إن «إيزولو» ليس طفلا صغيرا. - هل تسمع ما أقول يا «إيدوجو»؟ كن مستعدا؛ فسوف أذهب للبيت لإحضار حاجياتي.
قال «أوبيكا»: أنا لا أمنعك من الذهاب، ولكن لا تتحدث وكأنك وحدك الذي تفهم، لم نتفوه أنا و«إيزولو» بأي كلمة، وقد رفض «إيزولو» في الليلة الماضية تناول طعامه حتى بعد أن تذوقه ابن «وديكا»، لكنه رأى هذا الصباح الكثير من حكمة الرجل، وتأكد من عدم وجود حقد أو كراهية.
لم يتأثر «أكيوبو» بما قاله الآخرون؛ فهو يعرف الكثير عن رجال «أومونيورا» وعن نفوسهم المليئة بالمرارة والحقد، وتفوق معرفته لذلك الرجل معرفة أطفاله وزوجاته له، قد تكون يدا ابن «وديكا» نظيفتين، ولكن ينبغي على المرء ألا يخشى الإساءة إليه؛ فمن ذا الذي يرغب في ابتلاع البلغم خوفا من الإساءة للآخرين؟ كم يكون ابتلاع السم أخف وطأة!
لم ينتبه أحد لرأي «أنوسي» جار «إيزولو»، فالتزم بصمته، لكنه قال مرة أخرى وبطريقة مختلفة: أعتقد أن «أكيوبو» على صواب فيما قال، فليذهب مع «إيدوجو» لإرضاء نفسه، والتأكد من أن كل شيء على ما يرام، بشرط أن تذهب «أوجوي» معهما حاملة اليام وأشياء أخرى. وهكذا لن تسيء الزيارة لأحد.
سأل «أكيوبو» بنفاد صبر: ولماذا كل هذا الخوف من الإساءة؟ إنني لست ولدا صغيرا، وأعرف كيف أقطع بدون دم، كما أنني لن أخاف من الإساءة لرجل من «أومونيورا» إذا تعلق الأمر بحياة «إيزولو».
Página desconocida