غادر المبعوث وحارسه كوخ «إيزولو» عائدين إلى «أوكبيري»، فسارع الكاهن بإصدار أوامره إلى قارع الطبول العجوز لدعوة الكبار إلى اجتماع عاجل عند غروب الشمس، فبدأ على الفور في تبليغ الرسالة إلى القرى الست .. سمع الكبار وذوو الشأن بالرسالة في كل مكان، واستعدوا للاجتماع وهم يتساءلون: إن طارق الطبول لا يمارس عمله إلا في المواسم والحالات الطارئة فقط، فهل هو التهديد بالحرب؟ لا، إن أحدا لا يتحدث عن الحرب في ظل وجود الرجل الأبيض .. كانت الدعوة عاجلة.
بدأ الاجتماع عندما عادت الطيور إلى أعشاشها، أحضر الأطفال الكراسي لآبائهم، وظلوا يلعبون عند ضواحي السوق، في انتظار نهاية الاجتماع، ليحملوا الكراسي مرة أخرى إلى بيوتهم؛ فلم يكن مسموحا لأي شخص باصطحاب أبنائه إلى اجتماع ليلي .. حمل الذين يعيشون بجوار السوق مقاعدهم بأنفسهم، وحمل آخرون تحت أذرعهم حقائبهم المصنوعة من جلد الماعز.
تدفق إلى السوق كبار الرجال وذوو الشأن من كل القرى في «أوموارو»، وكان «إيزولو» و«أكيوبو» أول القادمين، جلسا بصعوبة، وكان كل رجل بعد ذلك يقوم بتحية من جاء قبله حتى ساد الزحام، فأصبح القادم يقوم بالتحية لجاره فقط، ويصافح قليلا من الناس.
كان الاجتماع تحت شجرة الإيجبو العتيقة، التي أصدر الأجيال تحتها كثيرا من القرارات ذات الشأن .. تبادل «إيزولو» حديثا سريعا مع الجالسين إلى جواره، فوافقوا جميعا على أن الوقت قد حان لإخبار «أوموارو» عن سبب هذا الاجتماع.
نهض الكاهن على قدميه، ثم غير من وضع ردائه، وقدم التحية التي كانت بمثابة نداء إلى كل «أوموارو» بأن يتحدثوا بصوت واحد: «أوموارو» وينو! - هيم! - وينو! - ويزينو! - هيم؟ - أشكركم جميعا لأنكم غادرتم أماكنكم المختلفة استجابة لندائي؛ فإن الرجل أحيانا يوجه نداء دون أن يلبي أحد النداء، وعندئذ يكون هذا الرجل كمن يحلم أحلاما مزعجة، أشكركم لأن ندائي لم يكن بلا جدوى.
تطلع «إيزولو» حواليه فأبصر «واكا» القادم من «أومونيورا» .. توقف لحظة عن الحديث، ثم ناداه باسمه: «أجبوفي واكا»، أحييك.
شرع «واكا» في الحديث لكنه توقف ، فاستطرد «إيزولو »: كنت أشكركم على ما فعلتم؛ فإنك - كما يقول شعبنا - إذا تقدمت بالشكر لرجل ما عما فعل، فإنه سوف يفعل المزيد، لكنني أطلب منكم الغفران والسماح؛ إذ يجب على الرجل حين يدعو «أوموارو» للاجتماع أن يضع أمامهم - على الأقل - إناء من النبيذ.
ثم حكى لهم باختصار عن زيارة رسول البلاط له، وقال: أقربائي، لقد استيقظت مبكرا هذا الصباح، وكان معي «أجبوفي أكيوبو» حين جاءني ذلك الرسول، ولقد فكرت بعمق ولوقت طويل، ثم قررت أن تشاركني «أوموارو» فيما رأيت وسمعت؛ إذ ربما يتساءل الرجل عندما يرى أفعى بنفسه عما إذا كانت أفعى عادية أم أنها ثعبان مقدس، وهكذا قررت أن أستدعي أهل «أوموارو» غدا لإخبارهم بما حدث، لكنني ترددت بشأن الغد لأن لا أحد يدري بما قد يحدث أثناء الليل، أو في الفجر وقبل حلول الغد، وعندئذ كان من الضروري دعوتكم معا بالرغم من أنني لا أملك نبيذا لأضعه أمامكم، لكن هناك وقتا كافيا للنبيذ إذا كان لنا بقية من حياة، وعندما يأتي يوم الصيد فسوف نصطاد في الفناء .. أحييكم جميعا.
مضى وقت طويل لم يبادر أحد من حكام «أوموارو» بالرد فيما عدا تلك المحادثات العامة، والتي كانت تبدو أحيانا كاللغط .. جلس «إيزولو» في مقعده محدقا في الأرض حتى إنه لم يجب على «أكيوبو» حين أخبره بأنه قال كل ما يجب أن يقال.
نهض «واكا» القادم من «أومونيورا» وقال: «أوموارو» وينو! - هيم! - «أوموارو» وينو! - هيم! - ويكوانو أوزو! - هيم!
Página desconocida