والنهي عن المنكر وتحقيق الرقابة العامة في الأمة (¬1).
ونعود إلى الشروط والضوابط التي ذكرها الدكتور عماد الدين خليل:
رابعا: الأخذ بأسلوب نقدي رصين في التعامل مع الروايات التي قدمتها مصادرنا (القديمة) وعدم التسليم المطلق بكل ما يطرحه مؤرخنا القديم، وإحالة الرواية التاريخية، قبل التسليم النهائي بها على المجرى العام للمرحلة التاريخية لمعرقة هل يمكن أن تتجانس في سداها ولحمتها مع نسيج تلك المرحلة لحمة وسدى؟ هذا فضلا عن ضرورة اعتماد مقاييس النقدين الخارجي والباطني ومعاييرهما وصولا إلى قناعة كافية بصحة الرواية.
ويمكن الإفادة في مجال النقد الخارجي، إلى حد ما، من علمي: "مصطلح الحديث" و"الجرح والتعديل" اللذين مورسا على نطاق واسع في عمليات تمحيص الأحاديث النبوية، ومن كتب التراجم الغنية الخصبة، فما من أمة في الأرض عنيت بتمحيص مصادر أخبارها وتاريخها كالأمة الإسلامية، فهنالك تراجم لنصف مليون رجل أسهموا جميعا في تقديم الأحاديث والأخبار والروايات التاريخية التي لا يمكن توثيقها والأخذ بها إلا بعد فحص أولئك الرجال الذين تناقلوها. ومن ثم فإن دراسة التاريخ الإسلامي دراسة جادة تستلزم، بالضرورة، دراسة هذا الموضوع الخطير لكي تقوم الأعمال التاريخية معتمدة على أوثق المصادر وأدق الأخبار ومنقحة من الدسائس والسموم وسيل الروايات الموضوعة التي نفثتها القوى المضادة في جسد تاريخنا المتشابك الطويل.
ومن قبله قال محب الدين الخطيب ومن الإنصاف أن نشير إلى أن اتساع صدور أئمة السنة -من أمثال أبي جعفر الطبري- لإيراد أخبار المخالفين من الشيعة وغيرهم -دليل على حريتهم وأمانتهم ورغبتهم في تمكين قرائهم من أن يطلعوا على كل ما في الباب واثقين من أن القارئ الحصيف لا يفوته أن يعلم أن مثل أبي مخنف موضع تهمة -هو ورواته - ... إلخ.
وقال الخطيب رحمه الله أيضا: وإنما ينتفع بأخبار الطبري من يرجع إلى تراجم رواته في كتب الجرح والتعديل، فتراجم شيوخه مباشرة وشيوخهم توجد في
Página 45