تفسير لحديث الثقلين
قوله: ((إني تارك فيكم)) الترك يدل على وجوب الرجوع إلى الكتاب والعترة ؛ لأن العلماء إنما ورثوا العلم، فالرسول قد ترك العلم ممثلا في الكتاب والعترة.
وقوله: ((ما إن تمسكتم به كتاب الله وعترتي أهل بيتي)): في قوله صلى الله عليه وآله وسلم إبهام وتعظيم للمتروك والتنكير للتعظيم فكأنه قال: إني تارك فيكم شيئا عظيما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي أبدا، والجملة الشرطية صفة لما وهي قوله: إن تمسكتم...إلخ.
وقوله: ((إن تمسكتم)) ولم يقل إن مسكتم ؛ لأن التمسك أقوى من المسك، فأفاد أن الأمن من الضلال مشروط بقوة التمسك، ومعنى قوة التمسك الإتباع للثقلين في كل أحكام الإسلام أصولا وفروعا.
فإذا حصل ذلك الشرط وهو التمسك الكامل فإنه يحصل لفاعله الأمن من الضلال في أي زمان كان إلى يوم القيامة، وفي هذا دلالة على أن أهل البيت لايفارقون الحق والقرآن أبدا، فمن نسبهم إلى الإبتداع ومخالفة السنة فقد قال منكرا من القول وزورا، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.
ثم بين النبي صلى الله عليه وآله وسلم ما أجمله أولا في لفظة (ما) بقوله: كتاب الله وعترتي أهل بيتي، وهذا يدل على الإعتناء من النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالثقلين والتنويه بشأنهما، فإنه حين أبهم عليهم أولا فقال: إني تارك فيكم شيئا إن تمسكتم به لن تضلوا، أقبل السامعون وفتحوا آذانهم وأصغوا إلى خطاب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم مترقبين لسماع هذا الشيء المبهم الذي من تمسك به نجا، فعند ذلك ألقى النبي صلى الله عليه وآله وسلم في هذه الآذان المتلهفة والمترقبة ألقى تفسير ذلك المبهم وتفصيله، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: ((كتاب الله وعترتي أهل بيتي)).
Página 1