قال: عليكم أن تشكوا إلى الشعب استبداد رجال التعصب، ولكن بعد أن تعلموا الشعب أو تكثروا فيه عدد المتعلمين، وأنا لي في بيتي مكان يحضره كل جمعة أناس يستمعون دروسي، وهم قليلون ولكنهم مستمرون على الحضور، ولا أقرأ لهم إلا ما يفتح أذهانهم وينير عقولهم. ولما بلغ إلى هذا الموضع من كلامه نظر في ساعته ونهض واقفا واستأذننا في الانصراف، فودعناه آسفين.
فلما ولى قلنا لصاحبنا ولم يذهب معه: على من قرأ هذا الأستاذ؟
قال: على مشايخ قرأ عليهم غيره.
قلنا: ومن أين له هذه الحرية؟
قال: الحرية طبع لا تطبع.
ثم سألنا صاحبنا أن لا يبخل به علينا كلما وجد سبيلا إليه، فوعدنا ذلك، وما مضي على مجلسنا هذا شهر إلا تمزق شمله؛ فنفي أكثرنا وهرب بعضنا، وبلغنا بعد ذلك أن هذا الفقيه سجن بالأستانة ومات مسجونا رحمة الله عليه.
الكهول والشباب
أما لو يفيد العتب لارتاح عاتبه
دعوه فهذا البرق لا بد كاذبه
قلوبكم هامت كما هام قلبه
Página desconocida