Safwat Tafasir
صفوة التفاسير
Editorial
دار الصابوني للطباعة والنشر والتوزيع
Número de edición
الأولى
Año de publicación
١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م
Ubicación del editor
القاهرة
Géneros
واستعينوا﴾ أي اطلبوا المعونة على أموركم كلها ﴿بالصبر والصلاة﴾ أي بتحمل ما يشق على النفس من تكاليف شرعية، وبالصلاة التي هي عماد الدين ﴿وَإِنَّهَا﴾ أي الصلاة ﴿لَكَبِيرَةٌ﴾ أي شاقة وثقيلة ﴿إِلاَّ عَلَى الخاشعين﴾ أي المتواضعين المستكينين الذين صفت نفوسهم لله ﴿الذين يَظُنُّونَ﴾ أي يعتقدون اعتقادًا جازمًا لا يخالجه شك ﴿أَنَّهُم ملاقوا رَبِّهِمْ﴾ أي سيلقون ربهم يوم البعث فيحاسبهم على أعمالهم ﴿وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾ أي معادهم إِليه يوم الدين. ثم ذكّرهم تعالى بنعمه وآلائه العديدة مرة أخرى فقال ﴿يَابَنِي إِسْرَائِيلَ اذكروا نِعْمَتِي التي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ﴾ بالشكر عليها بطاعتي ﴿وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ﴾ أي فضلت آباءكم ﴿عَلَى العالمين﴾ أي عالمي زمانهم بإِرسال الرسل، وإِنزال الكتب، وجعلهم سادة وملوكًا، وتفضيل الآباء شرفٌ للأبناء ﴿واتقوا يَوْمًا لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئًا﴾ أي خافوا ذلك اليوم الرهيب الذي لا تقضي فيه نفسٌ عن أخرى شيئًا من الحقوق ﴿وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ﴾ أي لا تقبل شفاعة في نفس كافرة بالله أبدًا ﴿وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ﴾ أي لا يقبل منها فداء ﴿وَلاَ هُمْ يُنْصَرُونَ﴾ أي ليس لهم من يمنعهم وينجيهم من عذاب الله.
ثانيًا: أتى بالمضارع ﴿أَتَأْمُرُونَ﴾ وإِن كان قد وقع ذلك منهم لأن صيغة المضارع تفيد التجدد والحدوث، وعبّر عن ترك فعلهم بالنسيان ﴿وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ﴾ مبالغة في الترك فكأنه لا يجري لهم على بال، وعلقه بالأنفس توكيدًا للمبالغة في الغفلة المفرطة، ولا يخفى ما في الجملة الحالية ﴿وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الكتاب﴾ من التبكيت والتقريع والتوبيخ.
ثالثًا: ﴿وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى العالمين﴾ هو من باب عطف الخاص على العام لبيان الكمال، لأن النعمة اندرج تحتها التفضيل المذكور، فلما قال ﴿اذكروا نِعْمَتِيَ﴾ [البقرة: ٤٠] عمَّ جميع النعم فلما عطف ﴿وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ﴾ كان من باب عطف الخاص على العام.
رابعًا: ﴿واتقوا يَوْمًا﴾ التنكير للتهويل أي يومًا شديد الهول، وتنكير النفس ﴿نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ﴾ ليفيد العموم والإقناط الكلي.
الفوَائِدَ: الفائدة الأولى: قال القرطبي: إِنما خص الصلاة بالذكر من بين سائر العبادات تنويهًا بذكرها وقد كان ﵇ إِذ حزبه (أغمّه) أمرٌ فَزَع إلى الصلاة، وكان يقول: «أرحنا بها يا بلال»
الثانية: قال علي كرم الله وجهه: «قصم ظهري رجلان: عالم متهتك، وجاهل متنسك» ومن دعا غيره إِلى الهدى ولم يعمل به كان كالسراج يضيء للناس ويحرق نفسه قال الشاعر:
ابدأُ بنفسك فانهها عن غيّها ... فإِذا انتهت عنه فأنت حكيم
فهناك يقبل إِن وعظتَ ويقتدى ... بالرأي منك وينفع التعليم
وقال أبو العتاهية:
وصفتَ التُّقَى حتَّى كأَنَّك ذو تُقَى ... وريحُ الخطايا من ثيابك تَسْطَع
1 / 48