La elección de lo mejor en los fundamentos de la jurisprudencia

Mansur Cabd Allah d. 614 AH
181

La elección de lo mejor en los fundamentos de la jurisprudencia

صفوة الاختيار في أصول الفقه

Géneros

أما أن الصحابة أجمعوا على إطراح القياس عند وجود الخبر؛ فذلك ظاهر من صنعهم كما قدمنا في الرواية عن أبي بكر أنه ترك اجتهاده في توريث الجدة بالخبر، وكذلك عمر في دية الأصابع والجنين لما بلغه من الأخبار التي قدمنا، وكان ذلك من غير مناكرة بينهم فكان إجماعا.

ولأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما قال لمعاذ: ((بم تحكم؟)) قال: (بكتاب الله)، قال: ((فإن لم تجد؟)) قال: (فبسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم)، قال: ((فإن لم تجد؟)) قال: (أجتهد رأيي)، فقدم السنة على الإجتهاد، والسنة قد تكون ما يسمعه وما ينقله إليه غيره، وذلك ظاهر من صنعهم كما قدمنا فصوبه النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فثبت أن الخبر أولى من القياس.

مسألة:[الكلام في الخبر إذا ورد بخلاف الأصول]

إذا ورد الخبر بخلاف الأصول التي هي الكتاب والسنة المقررة فإن شيخنا رحمه الله تعالى منع من قبوله.

واحتج لذلك بأن الصحابة أجمعت على رد ما هذا حاله وإجماعهم حجة كما قدمنا، فعل عمر في حديث فاطمة بنت قيس.

وعندنا أنه إذا ورد على الشرائط التي يجب معها قبوله فإنه يقبل سواء ورد بخلاف الأصول أو وافقها.

والدليل على صحة ما ذهبنا إليه: أن الدليل الذي دل على وجوب العمل بخبر الواحد لم يفصل بين خبر وخبر، ولا بين وروده مخالفا للأصول ولا موافقا، فلا تصح دعوى الإجماع على رده إذا خالف الأصول، بل إنا ندعي الإجماع على اتباع الخبر الذي ورد بخلاف الأصول من الصحابة، وذلك لأن عمر قبل خبر عبد الرحمن بن عوف فلم ينكره أحد مع أنه ورد بخلاف الأصول؛ لأن الكتاب والسنة المقررة قضيا بوجوب قتل المشركين وحملهم على الإسلام طوعا وكرها، والمنع من قبول الفدية منهم في ذلك إلا الكتابيين، ثم لما روى عبد الرحمن الخبر في قضيتهم ترك الأصول واتبع الخبر، بمشهد الجماعة، ولم ينكره أحد بل صار أصلا لاحقا بالأصول.

Página 206