La elección de lo mejor en los fundamentos de la jurisprudencia
صفوة الاختيار في أصول الفقه
Géneros
والذي يدل على صحته: أن هذا العلم حاصل من قبل الله سبحانه، وموقوف على اختياره ولا يمتنع أن يوجده عند قدر من العدد دون ما يساويه لضرب من الحكمة، ولا يوجده عند خبر مثلهم لمصلحة يعلمها، كما يعلم أن الحفظ عقيب الدرس حاصل من قبل الله سبحانه، وقد يحصل بقدر من الدرس لشخص ولا يحصل بمثله لشخص آخر، ويحصل بقدر، ولا يحصل بمثل ذلك القدر في حال أخرى.
وقد استدل شيخنا رحمه الله تعالى على صحة المذهب بأن القدر القليل إذا حصل بخبرهم العلم كان طريقا إلى العلم ولا يجوز اختلاف الطرق كما نقوله في الكثير.
والكلام على هذا القول ما قدمنا في المسألة من أن الدرس قد يكون طريقا إلى العلم الضروري الحاصل من قبل الله سبحانه، وقد تختلف الحال فيه بقدر من الدرس دون قدر، ولشخص دون شخص، وفي وقت دون وقت.
وما ذكره من الإستدلال بالكثير فإنه لا يجوز اختلاف الحال فيه، وإنما لم يختلف الحال فيه لضرب من الحكمة ظاهر، وهو أنه لو جاز أن نسمع الأعداد الكثيرة في الأعصار المتوالية ينقلون خبرا يستند إلى العلم ثم لا يحصل العلم لجوزنا سلامة بعض من لا يعتقد نبوة الأنبياء عليهم السلام من العقلاء، ولا يلتزم شرائعهم، بأن نجوز أن الله سبحانه لم يخلق العلم لهم بذلك فيعذرهم لفقده، وفي علمنا أنهم غير معذورين بإجماع الأمة والأئمة عليهم السلام دلالة أن الأمر فيما هذا حاله لا يختلف، وأنه لا يجوز في الحكمة أن لا يوجد العلم لبعض الأشخاص من العقلاء في بعض الأوقات أو الجهات، وجريانه على هذا الوجه يكون حراسة لأعلام النبوة وشرائع الأنبياء، ولا يلزم مثل هذا في العدد القليل، فلهذا جوزنا حصول العلم بخبر عدد دون عدد مثلهم، ولشخص دون شخص، واختلاف الحال فيه، وكما لا يبعد أيضا استواء الناس في الدرس الكثير وحصول العلم للجميع عنده، وإن اختلفوا في القليل، فكذلك في مسألتنا هذه.
Página 174