La elección de lo mejor en los fundamentos de la jurisprudencia
صفوة الاختيار في أصول الفقه
Géneros
والذي عندنا في ذلك: أنه لا فرق بين النقل والإزالة في الأصل، ولهذا لا يصح أن تقول: أزلت هذا العود وما نقلته، ولا تقول: نقلته وما أزلته، بل يعد من قال ذلك مناقضا جاريا مجرى من يقول: أزلته وما أزلته، وقد تقرر عند الجميع أن كل لفظين يثبت بأحدهما ما يثبت بالآخر، وينتفي به ما ينتفي بالآخر، فإن معناهما واحد كالجلوس والقعود، فلا فرق عند أهل اللغة على هذا بين النقل والإزالة.
وأما النسخ فلا يطرد عندهم في كل مزال، ولا يطرد في كل منقول، ومن حق الحقائق صحة الإطراد، فإذا النسخ عندهم إزالة مخصوصة ونقل مخصوص، ومعناهما واحد، بدليل أنهم يعقلون من قول قائلهم: نسخت الرياح آثار بني فلان، ما يعقلون من قوله: نقلت آثارهم، ويعقلون من قوله: نسخت هذا الكتاب من هذا اللوح إلى هذا القرطاس، ما يعقلون من قوله: أزلت هذا الكتاب من هذا اللوح إلى هذا القرطاس.
مسألة:[الكلام في معنى النسخ في الشريعة]
اختلف أهل العلم في معنى النسخ في الشريعة.
فقال بعضهم: هو زوال الحكم بعد استقراره، وهذا فاسد؛ لأن الاستقرار لا يكون إلا بالفعل، والإرادة، فما استقر بالفعل استحالت إزالته لوقوعه، وما استقر بالإرادة استحالت إزالته لكونها تدل على البدا الذي لا يجوز على الحكيم سبحانه.
وقال بعضهم: هو إزالة مثل الحكم بعد استقراره، وهذا باطل أيضا؛ لأن مثل الحكم يزول ببلوغ الغاية، وزوال الشرط وحصول العجز، ولا يكون نسخا عند الجميع.
وقال بعضهم: هو نقل الحكم إلى خلافه، وهذا بعيد؛ لأن نفس الحكم لا يجوز أن ينقل عرفا؛ لأنه يدل على البدا ولا حقيقة، لأن ذلك محال.
وقال بعضهم: هو بيان مدة الحكم، وهذا ينقض بالتوقيت والغاية والشرط.
وقال الجرجاني وجماعة: هو بيان مدة الحكم الذي في التقدير والوهم جواز بقائه، وهذا بعيد من وجوه:
منها: أن الله تعالى لو تعبدنا بفعل وأخبرنا أنه ينسخه عنا بعد مدة لما توهمنا بقاه.
Página 138