وإننا طالما التمسنا من سمو الأمير أن يتفضل علينا برسمه الكريم؛ ليزدان سفرنا بنور محياه الباهر فأبى معتذرا بعدم وجود صورة لسموه في هذا الوقت، ولنا من حضرة القارئ الكريم مغفرة ومعذرة ونرجو أن لا يتسرب إلى ذهنه أننا أغفلنا ذلك سهوا أو عمدا، إنما هو الواقع وليس لنا أن نؤثر على إرادة سموه بحال.
صفاته وأخلاقه
وقد منحه المولى أجل الصفات الحميدة والخصال العالية مع جمال الخلق، فسموه على جانب عظيم من الدعة واللطف مع الشهامة والحزم، يميل بفطرته السامية إلى رفع لواء العلم لمجد وسعادة وطنه المفدى، وله في كل عمل علمي أو أدبي أو خيري مآثر غراء تنطق عن روح سامية ومروءة فائقة.
أبقاه الله متمتعا بالصحة والعافية، رافلا في حلل السعادة والهناء، ولا أحرم مصر المحبوبة من جليل خدماته إنه نعم المولى ونعم النصير.
تمثال توت عنخ أمون مع الملك فؤاد الأول.
تمثل هذه الصورة الملك توت عنخ أمون «في المتحف البريطاني» صاحب المدافن العظيمة، التي اكتشفت أخيرا في طيبة على ضفة النيل الغربية من الأقصر، فوجدنا في نشر صورته مع نشر صورة جلالة مولانا الملك فؤاد الأول أحسن تفاؤل بمستقبل مملكة وادي النيل المستقلة.
رسم تحليلي يبين الأجزاء وعددها «23»، التي كان يتألف منها ناووس توت عنخ أمون.
كانت مصر منذ 3000 سنة في عهد توت عنخ أمون مستقلة، بل صاحبة سيادة عظيمة على ما حولها من البلدان كالسودان والحبشة وسورية، هذا من جهة سطوتها السياسية ومنعتها الحربية، أما عن غناها وثروتها ومجدها وعمرانها ورقيها في الفنون والصناعات وتقدمها في العلوم والمعارف والآداب، فإن الكنوز التي وجدت في طيبة والكنوز المحفوظة في المتاحف لخير شاهد على المكان الرفيع، الذي بلغته والقسط الوافر الذي أحرزته في عصر كانت فيه دياجير ظلمات الجهل، مخيمة على العالم، فسلام على عصر توت عنخ آمون الزاهر، ومرحى بعصر جلالة الملك فؤاد الذي يبشرنا بذلك المجد الباذخ والعز التالد، نسأل الله دوام ملكه.
مدفن توت عنخ آمون والتابوت العجيب الذي اكتشف بالأقصر
تفنن الأقدمون في حفظ موتاهم من البلى وفي وضعهم في مكان حريز، حتى لا يعبث بهم أحد، فحفروا لهم القبور في الصخور ووضعوهم في قواديس كبيرة من الخزف أو المرمر، وأبدعوا في التعمية على من يقصد نبشها فأوهموه أنهم أخفوها في مكان يصعب الوصول إليه، ثم وضعوها في مكان آخر لا يخطر له أنها فيه؛ لأنهم اعتقدوا أن الجسد يبقى مقرا للنفس بعد الموت فتعود إليه مرة بعد أخرى، كما تعود نفس النائم إلى جسمه بعد أن تفارقه على ظنهم، وكل ما اكتشف في هذا القطر وغيره من الوسائل لحفظ جسد الميت لا يقابل بالأسلوب، الذي ابتدعه توت عنخ آمون أو خلفاؤه لحفظ جسده إذا ثبت أن جسده حفظ فيه، ولم يكن هذا الأسلوب لمجرد التعمية، فإن ما تضمنه قبر هذا الملك من التحف والأثاث والرياش يكاد يكون قصرا ملكيا ومخزنا من مخازنه، ومتحفا حفظت فيه بدائع الفن المصري من ذلك العهد السحيق في قدمه العجيب في مهارة صناعه، وكان في هذا القبر غرفة مقفلة ثبت من النقوش والأختام التي عليها أنها تحوي تابوت الملك وقد تحوي جثمانه أيضا، ثم اتضح أن هذا التابوت تحيط به ثلاثة توابيت أو صناديق كبيرة من الخشب البديع النقش، والطلاء الذهبي الذي يغشى الصندوقين الثاني والثالث أجمل منظرا من الطلاء الذي على الصندوق الأول الخارجي، وعليها كلها كثير من الكتابات والصور.
Página desconocida