وكان يقال قي مدحه: إنه ما شاهد مثل نفسه , وكان مع هذه الخصال@ الحميدة زاهدا ورعا قواما , مجتهدا صواما. قانعا راضيا , أتى عليه أربع وسبعون سنة لم يدخل إصبعه في قصعة إنسان , ولم يكن لأحد عليه منة ولا يد في حضره ولا سفره.
خلف ما جمعه طول عمره من الكتب وقفا على المسلمين , كان تاريخ الزمان , وبقية السلف والخلف , وصنف كتبا كثيرة , ومات ولم يتأهل قط , ومضى لسبيله وهو يبتسم كالغائب يقدم على أهله , وكالمملوك يرجع إلى مالكه , مات بالري مسقط رأسه سنة 445 رحمه الله تعالى)) .
30 وقال القاضى المؤرخ ابن خلكان في كتابه ((وفيات الأعيان)) 2: 233 في ترجمة أبى زكريا (يحي بن على التبريزي) المعروف بالخطيب التبريزي المتوفى سنة 502 ببغداد , وقال: ((كان له معرفة تامة بالأدب من النحو واللغة وغيرهما , قرأ على أبى العلاء المعري وغيره من أهل الأدب.
وكان سبب توجهه إلى أبي العلاء المعري , أنه حصلت له نسخة من كتاب ((التهذيب)) ما فيها وأخذها عن رحل عالم باللغة , فدل على المعرى , فجعل الكتاب في مخلاة وحملها على كتفه من تبريز إلى المعرة , ولم يكن له ما يستأجر به مركوبا فنفذ العرق من ظهره إليها , فأثر فيها البلل , وهي ببعض الوقوف ببغداد , وإذا رأها من لا يعرف صورة الحال فيها ظن أنها غريقة , وليس بها سوى عرق الخطيب التبريزي)) .
Página 34