فدخل فجلس عند رأسي وقد احتشى البيت من أصحابه فلم يسعهم , حتى صارت فرقه منهم فى الدار وقوفا وأقلامهم بأيديهم , فما زادني على هذه الكلمات فقال لي: يا أبا عبد الرحمن أبشر بثواب الله , أيام الصحة لا سقم فيها , وأيام السقم لا صحة فيها , أعلاك الله إلى العافية , ومسح عنك بيمينه الشافية , فرأيت الأقلام تكتب لفظه.@ ثم خرج عني , فأتاني أهل الفندق يلطفون بي , ويخدمونني ديانة وحسبة , فواحد يأتي بفراش , وأخر بلحاف وبأطايب من الأغذية , وكانواف في تمريضي أكثر من تمريض أهلي لو كنت بين أظهرهم , لعيادة الرجل الصالح لي.
وتوفى بقي بن مخلد سنة 276 بالأنجلس رحمه الله تعالى)) .
21 ويقال الحافظ الإمام ابن أبى حاتم الرازي في كتابه ((تقدمة الجرح والتعديل)) في ترجمة والده) الإمام أبي حاتم محمد بن إدريس الرازي) المولود سنة 195 والمتوفى سنة 227 , عند ذكر رحلته في طلب العلم ص 359 , قال ابن أبى حاتم: ((سمعت أبى يقول: أول ما خرجت في طلب الحديث أقمت سبع سنين , أحصيت ما مشيت على قدمي زيادة على ألف فرسخ (1) , ولم أزل أحصي حتى لما زاد على ألف فرسخ تركته.
وأما ما كنت سرت أنا من الكوفة إلى بغداد فما لا أحصي كم مرة , ومن مكة إلى المدينه مرات كثيرة , وخرجت من البحر من قرب مدينة سلا وذلك في المغرب الأقصى إلى مصر ماشيا , ومن مصر إلى الرملة ماشيا , ومن الرملة إلى بيت المقدس , ومن الرملة إلى عسقلان , ومن الرملة إلى طبرية ,ومن طبرية إلى دمشق , ومن دمشق إلى حمص , ومن حمص إلى أنطاكية , ومن أنطاكية إلى طرسوس.
ثم رجعت من طرسوس إلى حمص , وكان بقي علي شيء من حديث إبى اليمان فسمعته , ثم خرجت من حمص إلى بيسان , ومن بيسان إلى الرقة , ومن الرقة ركبت الفرات إلى بغداد , وخرجت قبل خروجى إلى الشام من واسط إلى النيل , ومن النيل إلى الكوفة , كل ذلك ماشيا , كل ذلك ماشيا , هذا فى سفري الأول وأنا ابن عشرين سنة , أحول سبع سنين , خرجت من الري سنة 213 في شهر رمضان , ورجعت سنة 221.
وخرجت المرة الثانية سمة اثنتين وأربعين , ورجعت سنة خمس وأربعين , أقمت ثلاث سنين , وكانت سني في هذه الرحلة 47 سنة .
Página 29