وقال سيد: لدي ستة أزواج أعدها على القوالب، ولقد ضاعت مني ساعات الظهيرة، سأفطر هنا في المصنع.
وانكفأ سيد على العمل، وكأنه بقي فعلا لكي يعمل ... ومرت ساعات الليل الأولى، وانصرف مع زملائه عند منتصف الليل.
وقالت سنية، وهي تفتح له الباب: متى تنتهي من هذا السهر المضني، إننا لا نريد كعكا.
وأجاب سيد، وفي صوته عزيمة رجل قادر: بل سآتيكم بالكعك غدا صباحا. - ومن أين تأتي به، ولم يبق لديك غير مرتب الشهر، ألن ندفع إيجار المنزل يا سيد؟ أم نصوم شهرا آخر من أجل الكعك؟ - لن نصوم يوما، ولن تبيعي السوار يا سنية ...
ولم تسأل سنية، وإنما أرسلت عيناها عشرات الأسئلة، ولم يجب سيد، وإنما أغمض عينيه كأنما استسلم للرقاد، وطال إغماضه، وطالت يقظته كأنه يرى بخياله شيئا لا يريد أن يراه بعينيه، ومر الليل وجاء النهار، ووقف سيد، وقد انتصف النهار يتلقى عشرات الأسئلة: هل كسرت الصندوق الصغير يا سيد؟ - كم كان في الصندوق يا سيد؟ - كم أخذت من النقود؟
ويجيب سيد في اضطراب، وكأنه يكذب: كان الصندوق مغلقا ففتحته. - لست أعرف كم كان في الصندوق. - أخذت ثمانين قرشا.
ويصيح عبد السميع أفندي: نعم أخذ ثمانين قرشا فقط ... هذا حق.
ويتلقى سيد سؤالا آخر: ولكن لماذا لم تأخذ غير ثمانين قرشا؟
ويجيب سيد: كنت محتاجا إليها ... - لماذا؟
ويسكت سيد ... وتمر بخاطره صورة واجهة المتجر، وصورة أكوام الكعك، ويجيب سيد في إلحاح، وكأنه يكذب: كنت محتاجا إليها ... كنت محتاجا إلى ثمانين قرشا.
Página desconocida