ظلا مستيقظين إلى وقت متأخر في الليلة الماضية. شاهدا فيلما قديما جدا؛ «أثر شجرة الصنوبر الوحيدة». كان موراي قد شاهد الفيلم عندما كان طفلا، في سينما روكسي، في والي. كل ما كان يتذكره من الفيلم هو مقتل بادي وتكسير هنري فوندا التابوت المصنوع من شجر الصنوبر.
عند تفكيره في ذلك بدأ في الغناء. «أوه، قطعوا شجرة الصنوبر القديمة، ونقلوها إلى مصنع الأخشاب.» ثم يقول مقاطعا نفسه: «كنت أظن دوما ... أن تلك الأغنية كانت في ذلك الفيلم.»
تواصل باربرا الغناء: «لصنع تابوت من خشب الصنوبر، لحبيبتي.» ثم تقول: «لا تكن دقيقا هكذا.»
يقول موراي: «لم أكن كذلك ... نسيت ما جاء بعد ذلك.» «لا تأت وتجلس في غرفة الانتظار. إنها مريعة. اذهب إلى الشاطئ وانتظرني. سأنزل عبر درجات غروب الشمس.»
كان عليهما أن يقودا مرورا بالمزرعة حيث اعتادت بياتريس سويكي تربية الخيول. كانت لديها مدرسة للتدريب على امتطاء الخيول، لكنها لم تستمر طويلا. كانت تستضيف الجياد آنذاك، ولا بد أنها كانت تدر دخلا من وراء ذلك؛ نظرا لأنها كانت تواظب على عمل ذلك، كانت تقيم هناك حتى أربع أو خمس سنوات مضت، وعندما باعت المزرعة كما يبدو، انتقلت إلى مكان آخر. لم يعلما إلى أي مكان رحلت، كانا قد رأياها مرات قليلة في المدينة، لكنهما لم يتحدثا إليها قط. عندما كانا يمران على المزرعة، وكانا يريان الجياد في الحقول، كان يقول أحدهما: «ترى ماذا حدث لفيكتور؟» لم يكن ذلك في كل مرة كانا يمران فيها على المزرعة، بل مرة سنويا، كان أحدهما يقول ذلك، وكان الآخر يجيب قائلا: «الرب أعلم.» أو شيئا من هذا القبيل، لكنهما لا يكترثان بالإشارة إلى الأمر منذ أن رحلت بياتريس وجيادها. •••
في المرة الأولى التي جاء فيها فيكتور سويكي إلى المتجر، تفرقت الموظفات - مثلما قال موراي لباربرا - وكأنهن حمائم دنت منهن قطة. في حقيقة الأمر، كان كثير من الموظفات اللائي ورثهن موراي مع المتجر يبدون مثل الحمائم؛ كن آنسات ذوات شعر أبيض لم يمنع عدم زواجهن إصابتهن بالسمنة وكبر صدورهن. كان من السهل تصور وجود نوع من الإثارة داخل تلك الصدور عند رؤية فيكتور. جاءت إحداهن تهذي بكلام غير مفهوم وهي تصعد السلم إلى مكتب موراي الصغير لتخبره أن هناك رجلا غريبا عن البلدة بالمتجر، وأن أيا من الموظفات لم تستطع معرفة ماذا كان يريد.
كان يريد شراء ملابس عمل. كان من الصعب جدا تحديد ماذا كان يقول. (رغم كل شيء، كان قد عاش في إنجلترا عدة سنوات.) لم تكن لكنة فيكتور البولندية هي التي أزعجت الموظفات في متجر زيجلرز، بل هيئته. صنف موراي فيكتور مباشرة في الفئة نفسها من البشر التي تنتمي إليها باربرا، لكن من بين الاثنين وجد فيكتور الأكثر إبهارا وإزعاجا. فحين كان ينظر إلى باربرا كان يحدث نفسه قائلا: هذه فتاة نادرة، لكنها ما زالت فتاة، وكان يرغب في مضاجعتها. (هما الآن متزوجان منذ سبع سنوات.) أما فيكتور فقد جذب انتباهه باعتباره حيوانا بهيا أنيقا - قل، حصانا من فصيلة بالومينو ذهبيا، جريئا لكن عصبي المزاج، خجل من الضجة التي يثيرها. ستحاول أن تقول شيئا ملطفا لكن يشي بالاحترام، وتمسح على عنقه اللامعة، إذا سمح لك بذلك.
قال موراي: «ملابس عمل.»
كان فيكتور طويلا، ضعيف البنية، وكان يبدو مهذبا. في مقهى فندق بريتش إكستشينج، حيث اعتاد أن يذهب هو وموراي، قالت إحدى النادلات له في أحد الأيام: «هل تمانع في أن تخبرني بشيء؟ كم يبلغ طولك؟ لأننا نجري مراهنة على ذلك هنا.»
قال فيكتور: «أبلغ ستة أقدام وخمس بوصات.» «فقط؟ كنا نخمن أن طولك يبلغ سبعة أقدام.»
Página desconocida