بينما كان يجري الحديث على هذا النحو حول مسألة تناول السمك، وقعت عينا دادلي براون مرة أو مرتين على عين هازل. حافظ دادلي براون على ثبات ملامح وجهه، الذي كان يشير - أكثر مما قد تفعل ابتسامة متكلفة - إلى مزيج مركز من الود والازدراء. ظلت هازل تنظر إلى سترة أنطوانيت. جعلتها سترة أنطوانيت تفكر في جوان كروفورد. ليس طراز السترة بل حالتها الرائعة. كانت قد قرأت مقابلة منشورة مع جوان كروفورد، منذ سنوات مضت، تشير إلى حيل صغيرة كثيرة كانت جوان كراوفورد تصنعها حتى تحافظ على الشعر والملابس والأحذية والأظافر في حالة رائعة. تذكرت شيئا عن طريقة كي الكسرات. لا تقوم بكي الكسرات وهي مفتوحة أبدا. كانت أنطوانيت تبدو مثل امرأة تستوعب هذه الأمور جيدا.
لم تكن تتوقع، على أي حال، أن تجد أنطوانيت لا تزال طفولية الملامح ومتهورة وساحرة. هي بعيدة كل البعد عن ذلك. كانت هازل قد تخيلت - برضا - امرأة بدينة قصيرة تضع أسنانا صناعية. (كان جاك يذكر باستمرار عادة أنطوانيت في قذف قطع الكراميل إلى فمها بين القبلات، وجعله ينتظر حتى تمتص آخر رشفة حلاوة من القطعة الأخيرة.) سيدة طيبة، ثرثارة، رتيبة، جدة صغيرة تمشي متهادية، كان ذلك هو ما ظنت أنه متبق من أنطوانيت، ولكن ها هي هذه المرأة الرشيقة، اليقظة، الغبية الحصيفة، المرشوشة الشعر المهتمة بمظهرها وذات الحياة المنمقة. كانت طويلة أيضا. ليس على الأرجح أنها مرت بأي تجربة رومانسية من أي نوع، حتى عندما كانت تبلغ ستة عشر عاما.
لكن كم ستجد في هازل من الفتاة التي اصطحبها جاك إلى المنزل من الحفل الراقص؟ كم ستجد من هازل جودري، الفتاة الشاحبة، ذات الصوت الرفيع التي كانت ترفع شعرها الأشقر إلى الوراء عن طريق رباطين من السليولويد الوردي، في هازل كيرتس؟ كانت هازل نحيفة أيضا - نحيلة في قوة على عكس أنطوانيت. كان لديها عضلات تكونت من خلال أعمال الحديقة والسير مسافات طويلة للتنزه والتزلج عبر البلاد. أفضت هذه الأنشطة أيضا إلى جفاف وتغضن وتخشن بشرتها، وفي مرحلة ما توقفت عن الانزعاج حيال ذلك. ألقت بجميع المعاجين الملونة وأقلام التجميل والكريمات التي كانت قد اشترتها في لحظات اندفاع أو يأس. تركت شعرها ينمو في أي لون وعقصته خلف رأسها. كسرت قوقعة جمالها غير البادي والغالي؛ لم تظل أسيرته. بل إنها فعلت ذلك قبل سنوات من موت جاك. كان الأمر يتعلق بطريقة تسييرها لحياتها. كانت تقول وتظن أنه قد حان الوقت الذي كان يجب عليها أن تسير حياتها بنفسها، وحثت الآخرين على أن يسيروا على النهج نفسه. تحث الآخرين على اتخاذ خطوات جادة، وممارسة الرياضة، وتحديد الاتجاه في الحياة. لا تكترث بأن تقول للآخرين إنها عندما كانت في الثلاثينيات من عمرها كانت مصابة بما كان يطلق عليه انهيارا عصبيا. كانت لا تقوى على مغادرة المنزل لمدة قاربت على شهرين. كانت ترقد في الفراش معظم الوقت. كانت ترسم الصور في كتب التلوين للأطفال. كان ذلك هو كل ما تستطيع فعله حتى تتحكم في خوفها وحزنها العام، ثم أخذت بزمام حياتها. أرسلت في طلب كتيبات مناهج الجامعات. ماذا جعلها تمضي في حياتها مجددا؟ لا تعرف. يجب أن تقول إنها لا تعرف. ربما شعرت بالملل، يجب أن تقر بذلك. ربما شعرت بالملل من إصابتها بانهيار عصبي.
كانت تعلم أنها عندما كانت تنهض من الفراش (هذا ما لا تقوله)، كانت تترك جزءا من نفسها خلفها. كانت تشك في أن ذلك كان جزءا له علاقة بجاك، لكنها لم تظن وقتها أن أي هجر يجب أن يكون دائما. على أي حال، لم يكن بالإمكان الحيلولة دون وقوع ذلك.
عندما فرغ من تناول السمك المشوي والخضراوات، نهض دادلي فجأة. أومأ إلى هازل وقال لأنطوانيت: «سأمضي الآن، يا حملي.» هل قال ذلك حقا، «يا حملي»؟ أيا كان الأمر، كان في الكلمة نبرة سخرية تعبيرا على مشاعر الإعزاز بينه وبين أنطوانيت. ربما قال «يا حبيبتي». يقول الناس هنا «حبيبتي». قالها سائق الحافلة من إدنبرة لهازل في ذلك اليوم.
قدمت أنطوانيت إلى هازل قطعة من كعكة مشمش، وبدأت من فورها في الثرثرة مع دادلي. كان من المفترض أن يكون الناس متحفظين في بريطانيا - هكذا كانت هازل تعتقد، من خلال قراءاتها، إذا لم يكن من خلال جاك - لكن بدا أن الأمر لم يكن دوما كذلك.
قالت أنطوانيت: «سيذهب لزيارة أمه قبل أن تتدثر في غطاء فراشها ليلا ... يعود إلى البيت مبكرا دوما ليلة الأحد.»
قالت هازل: «ألا يعيش هنا؟ أعني في الفندق؟»
قالت أنطوانيت: «هل قال ذلك؟ أنا واثقة أنه لم يقل ذلك. لديه منزله الخاص به. لديه منزل جميل. يشارك أمه المنزل. ترقد في الفراش طوال الوقت حاليا - هي من أولئك الأشخاص الذين يجب أن يجري عمل كل شيء لهم. جلب لها ممرضة تخدمها نهارا وأخرى تخدمها ليلا أيضا، لكنه يرعاها دوما ويتحدث إليها في ليالي الآحاد، حتى لو لم تستطع التعرف عليه على الإطلاق. لا بد أنه كان يعني أنه يتناول الوجبات هنا. لا يتوقع أن تعد الممرضة الوجبات له. لن تفعل ذلك على أي حال. لا تفعل الممرضات أي شيء زائد عن عملها في هذه الأيام. يردن أن يعرفن فقط المطلوب منهن، ولن يفعلوا شيئا أكثر البتة. يشبه الأمر ما يحدث هنا. إذا قلت للعاملات هنا «اكنسن الأرضية»، ولم أقل «ضعن المقشة في مكانها بعد الفراغ من الكنس»، سيتركن المكنسة على الأرض.»
حدثت هازل نفسها بأن الوقت قد حان. لن تستطيع أن تصرح بالأمر إذا أجلته أكثر من ذلك.
Página desconocida