Saad Zaghlul, Líder de la Revolución
سعد زغلول زعيم الثورة
Géneros
ولوحظ في الدوائر القضائية تعيين الأستاذ الغرابلي لوزارة الحقانية، وفيها قدماء المستشارين وكبار الموظفين من رجال القانون، وقد كان لهذه الملاحظة صداها فنقل الأستاذ إلى وزارة الأوقاف، كما لوحظ في الصحف والدوائر السياسية تعيين سعيد باشا لوزارة المعارف، وهو رئيس وزارة قديم، وهي من الوزارات التي لا تعد في الصف الأول بين وزارات الحكومة، وفهم من ذلك أن اشتراك سعيد وصاحبيه مظلوم ونسيم في الوزارة إنما كان في مقابلة الدور الذي داروا به لمعاونة الوفد على خصومه والتقريب بين الوفد والقصر بعد سقوط الوزارة الثروتية، وليس اشتراكهم فيها عن تجانس أصيل في الميول والأفكار.
ومن قبل ذلك لاحظ بعض الناقدين أن دخول سعد ميدان الانتخاب يعد اعترافا بتصريح 28 فبراير الذي أنكره واحتج عليه، وهي ملاحظة لا محل لها من الاعتبار؛ لأن تمثيل المصريين في الحكومة حق لا نزاع فيه، فإذا اعترف به الإنجليز فليس ذلك سببا داعيا لصاحب الحق إلى النزول عنه وإسقاطه بيديه، وقد دخلت جميع الأحزاب المصرية ميدان الانتخاب حتى ما كان منها منكرا للمفاوضات والمعاهدات مع الحكومة الإنجليزية؛ فلا موجب إذن لانفراد الوفد بمقاطعة الانتخاب، وهو لو قاطعه لما كان لذلك من نتيجة إلا تمكين خصومه من ادعاء النيابة عن الأمة، وأن يبرموا باسمها ما يأباه الوفد وتأباه.
ولاحظ بعض الناقدين أن سعدا قبل الوزارة وكان عليه ألا يقبلها، وأن يعهد بها إلى أحد أنصاره وحلفائه؛ لئلا يضطر وهو في الوزارة أن يجيز ما لا يجيزه الزعيم الوطني في حل القضية المصرية، وفات هؤلاء أن مجرد التنحي عن رئاسة الوزارة لهذا الغرض معناه إعلان الاستعداد للرضى بما دون المطالب الوطنية، واتخاذ المناورات المصطنعة لتسهيل النزول عن تلك المطالب، ثم ماذا يكون إذا تطلب الأمر موافقة النواب وسعد رئيس النواب؟! فليس هنا من ضرر يتقى باجتناب سعد رئاسة الوزارة عقب الانتخابات الأولى، ولكن الضرر كل الضرر في ذلك الاجتناب. إنما ينبغي للزعيم الوطني أن يتنحى عن الانتخاب، أو يتنحى عن رئاسة الوزارة إذا حبطت وسيلة الدستور لتحقيق المصالح العامة والمطالب القومية، وذلك تقدير لا يطالب سعد بافتراضه في ذلك الحين، ولو كان يعلم الغيب العلم القاطع الذي لا مراء فيه لوجب عليه أن يقنع الجماهير بما هو مقتنع به، وأن يضع أيديهم على الحقيقة بتجربة لا تحتمل الجدل.
وخير مقياس نقيس به خطة من الخطط أن ننظر إلى الخطة التي تناقضها، ونذهب معها إلى جميع نتائجها لكي نوازن بين النتائج في الحالتين، وليس في نتائج رفض الانتخاب ورفض الوزارة في ذلك الحين ما هو أجدى وأحق بالاطمئنان من نتائج القبول على أسوأ الفروض.
ومن ثم نحن من المعتقدين أن سعدا أصاب في قبول الوزارة هذه المرة، وأنه كان يخطئ لو رفضها بعذر من تلك الأعذار، وليس منها ما يستحق المبالاة.
في أثناء وضع الدستور كان الملك فؤاد ينوي أن يجعل نصف مجلس الشيوخ من المعينين، وأن يكل إلى هذا المجلس حق النظر في الثقة بالوزارة.
وبعد الانتخاب كان يأمر باستدعاء النواب الناجحين إلى القصر واحدا بعد واحد لينشئ بينه وبينهم الصلة التي ينال بها من السلطان النيابي ما لم ينله بنصوص الدستور.
فلما استقر حكم الدستور على تعيين الخمسين من أعضاء الشيوخ، وحرمان هذا المجلس حق الاقتراع على الثقة بالوزارة، كان من رأي الملك بداهة أن يتولى هو حق اختيار الأعضاء ولا يكون للوزارة إلا التنفيذ، وهكذا نجم أول خلاف بين الملك فؤاد وسعد في عهد الدستور، وانحسم الخلاف في حينه بتقرير المبدأ الذي يخول الوزارة حق الاختيار، وإجابة الرغبة الملكية في ترشيح فئة من الأعضاء.
ثم جاءت أزمة أخرى من أزمات المراسم والأشكال، ولكنها تمس الخلاف بين الوفد وخصومه في صميم المبادئ الأصلية، ساقها التقويم السنوي في ركابه ولم يسقها أحد باختياره.
وذاك أن اليوم الخامس عشر من شهر مارس يقترب والحكومة القائمة وفدية والبرلمان وفدي، وتصريح 28 فبراير نظام بغيض لجميع هؤلاء، فكيف يحتفلون بهذا اليوم؟! لقد احتفلوا به في السنة الماضية لأنه عيد الاستقلال، والرأي الغالب بين المصريين أن الاستقلال لم يترتب، ولن يترتب على ذلك التصريح، فهل يحتفلون به هذه السنة على هذا المعنى، أو يهملونه مع ما يتربط به من تبليغات مصر إلى الدول وإعلان لقب صاحب الجلالة؟ مشكلة بحق من مشاكل الأيام. وقد حلها سعد باختيار ذلك اليوم لافتتاح البرلمان. فإذا تعطلت فيه دواوين الحكومة، فلمن شاء أن يفهم أنها تتعطل احتفالا بعيد الدستور، وافتتاح الهيئة النيابية الأولى في البلاد!
Página desconocida