Saad en su vida privada
سعد في حياته الخاصة
Géneros
وكانت صفية هانم تمسك بيدها الساعة الحقيقية، فنظرت إليها فألفتها تسجل الواحدة، فأدارت وجهها لتستر ما اعتراها من اندهاش وذهول.
وأدرك سعد الحقيقة وأخذ يتمتم: «أنا رايح، أنا رايح.»
فقالت له صفية هانم: «وهل تحب أن أجيء معك؟»
فتطلع إليها وقد أمسك بيدها وقال: «خليك أنت.»
وهنا دخل عليه الطبيب بناء على طلبه، ولكن الداء أعيا الأطباء، وفي اليوم التالي توفي سعد. (8) ساعة الوفاة
23 أغسطس سنة 1927!
يا له من يوم مشئوم! ...
كانت الساعة تقرب من السابعة مساء حين توجهت إلى بيت الأمة للاستفسار عن حالة الزعيم الأكبر، فما كدت أصل إلى شارع الفلكي حتى رأيت رجال البوليس منتشرين في جميع الطرق المؤدية إلى شارع سعد زغلول ليحولوا دون وصول السيارات والمركبات إلى بيت الأمة كي لا تقلق جلبتها سعدا في نومه، كان السائر كلما أمعن في السير واقترب من بيت الأمة يشعر بسكينة ووحشة لم تعهدهما تلك البقعة من العاصمة منذ أن رفع سعد علم الجهاد عاليا.
وما هي إلا دقائق قلائل حتى ألفيت نفسي في داخل بيت الأمة، فأجلت طرفي في الواقفين على شرفة السلاملك، فأبصرت بالأستاذ الجزيري، سكرتير الرئيس الأمين، مسندا ظهره على أحد الأعمدة التي تقوم عليها الشرفة، وقد ارتسمت على وجهه علائم القنوط والحزن، فتابعت سيري إليه وسألته: «هل هناك جديد في حالة الرئيس؟» فأجابني بصوت خافت وعبارات متقطعة: «الحالة سيئة جدا ... والباشا غائب عن الصواب منذ الصباح ... وسيعوده الأطباء مرة أخرى الساعة التاسعة، وهم يقولون إنه إذا لم تنزل حرارته قبل ذلك فمن الصعب أن يعيش حتى منتصف الليل ... أرجوك ألا تخبر أحدا من الحاضرين؛ لأن كل ضجة قد تضر بحالة الباشا.»
ونظرت في تلك اللحظة في ساعتي، فإذا بالساعة السابعة تكاد تنتصف، فدخلت مكتب الرئيس وجلست على أحد مقاعده بجوار عبد العزيز بك رضوان، وكان في مكتب ساعتئذ حضرات أصحاب المعالي والسعادة والعزة: فتح الله بركات باشا، وأحمد خشبة باشا، ومحمود فهمي النقراشي بك، وعبد الحميد البنان بك، والدكتور محجوب ثابت، والأستاذ صبري أبو علم، وفخري عبد النور بك، وغيرهم من الشيوخ والنواب، ورأيت من موظفي وزارة الداخلية محمود حسن بك وكيل الوزارة وأحمد بك كامل وكيل إدارة الأمن العام ، وكان يقوم يومئذ مقام مديرها، ومحمود غزالي بك المفتش بالداخلية؛ وكانوا كلهم صامتين واجمين يرقبون حلول الساعة التاسعة، مضطربين وجلين، وكانت هناك أصوات في الخارج ترتفع من آن إلى آخر بالقول: «اللهم ارأف بمصر، اللهم ارأف بنا وبمصير بلادنا»، فكنت تسمع صدى هذا الدعاء زفرات تتصاعد متقطعة من قلوب الحاضرين المتوجعة.
Página desconocida