82

Horas entre libros

ساعات بين الكتب

Géneros

واسأل: أهذا الشبح الصغير كل ما يطرحه الفناء الزاخر من الظلال على ساحة الفضاء! أحكمة الله التي أراد بها عالم الإنسان متجمعة كلها في حيز هذا القوس المرسوم! أكذلك يكون مقياس الكواكب لما تبديه الأرض ويكشفه عليها الزمان: من أمة تنحر أمة، ورءوس تغلي بالهواجس، وأبطال غالبين ونساء أجمل من طلعة السماء؟!

وهذه قطعة أخرى لا «معنى» فيها ولا تزويق ولا «خيال» ولا قلب ولا عكس ولا مراعاة نظير ولا خاتمة تنبه الأسماع إلى النهاية بالأجراس والطبول، ولكن من الهزل والظلم أن يفرض لهذا السفساف وجود إلى جانب ذلك الكون المرهوب الذي يفتحه لنا هاردي في لحظة الخسوف: شاعر يقف بين الأرض وظلها ينظر إلى هذا تارة، وينظر إلى تلك تارة أخرى ويستعرض في لمحة الطرف كل ما يجمله الظل الممدود من معارض، وتواريخ، وأقدار، وخطوب، ثم يحاول أن يرى في الظل مثالا من صاحبته، فإذا هو لا يرى إلا قليلا زهيدا ولا يملك إلا أن يسأل في امتعاض وخيبة: أهذا هو كل ما ترسمه الدنيا من الظل على ساحة الفضاء.

هذا حرم سماوي لا لغو فيه ولا صغار، فمن الظلم جد الظلم أن نقف عند بابه وفي نفوسنا ذكر لذلك السفساف الذي يهذي به أدباؤنا الفارغون، ويحكون به الشعر حكاية القردة للآدميين. •••

وقطعة أخرى على هذا النمط أيضا تصف لنا عبث العزاء الذي يتلمسه المفقودون في وفاء القرابة والأصدقاء، وهذه ترجمتها:

آه! إخالك تحفر عند قبري يا حبيبي لتغرس على حوافيه أشجار الشذاب؟

كلا! حبيبك ذهب البارحة ليخطب كريمة من أجمل كرائم الثراء، وهو يقول في نفسه: ماذا عليها من ضير أن أنقض عهدي لها في الحياة.

إذن من ذلك الذي يحفر في ناحية القبر؟ أقاربي الأعزاء؟

لا يا بنية! إنهم يجلسون هناك ويقولون ماذا يجدي؟ أي نفع لهذه الأشجار والأزهار؟ إن روحها لن يفلت من براثن القضاء، خلال ذلك التراب المركوم.

ولكني أسمع حافرا يحرف هناك، فمن ذا عسى أن يكون؟ أهو عدوتي اللئيمة الرعناء؟

لا! إنها حين علمت أنك عبرت الباب الذي لا مفر منه، ضنت عليك بالعداوة، ولم تجدك أهلا للكره والبغضاء، فما تبالي اليوم في أي مرقد ترقدين.

Página desconocida