أجابته دوري: «اذهب أنت. سوف أركب في إحدى السيارات التي تمر على الطريق إلى البلدة معهم وألحق بك في طريق عودتك الليلة.»
كان عليه أن ينحني ليسمعها. تحدثت بنبرة ازدراء دون أن ترفع رأسها كما لو أنها الشخص الذي كان تنفسه عزيزا.
قال: «هل أنت متأكدة؟»
ردت بالإيجاب. - «ألا يجب أن تذهبي إلى لندن؟» - «كلا.»
أدب
1
كان أفضل ما في الشتاء أن تقود سيارتها إلى البيت بعد قضاء يومها في تدريس الموسيقى في مدارس روف ريفر. يكون الظلام قد حل فعليا، وربما تساقط الثلج في الشوارع البعيدة من المدينة، بينما الأمطار تضرب السيارة على الطريق الساحلي السريع. قادت جويس سيارتها إلى ما وراء حدود المدينة نحو الغابة، وعلى الرغم من أنها غابة حقيقية ذات أشجار صنوبرية من فصيلة تنوب دوجلاس وأشجار أرز حقيقية، فقد كان هناك أناس يعيشون على مسافة ربع ميل أو نحو ذلك. يملك البعض منهم حدائق لبيع البضائع، وقلة منهم لديهم بعض الخراف أو أحصنة للركوب. كذلك كان هناك مشاريع مثل مشروع جون؛ فهو يصلح الأثاث ويصنعه. وهناك أيضا إعلانات عن الخدمات على جانب الطريق، منها ما هو خاص بهذا الجزء من العالم تحديدا، مثل قراءة أوراق التاروت، والتدليك بالأعشاب، وحل الخلافات. عاش بعض الناس في مقطورات، وبنى آخرون بيوتهم الخاصة مدعمة بأسقف من قش وخلفيات خشبية، والبعض الآخر، مثل جون وجويس، كانا يجددان بيت مزرعة قديما.
كان هناك شيء واحد خاص أحبت جويس أن تراه في طريقها إلى البيت وحين تدخل إلى ملكيتهما الخاصة. في ذلك الوقت، استخدم العديد من الناس، حتى بعض الذين يسكنون في بيوت ذات سقف من القش، ما سمي أبواب الفناء؛ حتى إذا لم يكن لدى البعض منهم، مثل جون وجويس، فناء. كانت تترك في العادة بدون ستار، وكان شراعتا النور المستطيلتان تبدوان علامة على الراحة والأمان والتجديد أو وعدا به. لم تستطع جويس أن تعرف لماذا تعكس هذا أكثر مما تعكسه النوافذ العادية. ربما لم يكن الهدف من معظمها أن تطل على الخارج فحسب، بل أن تفتح مباشرة على عتمة الغابة، وأن تعرض ملاذ البيت ببساطة. ناس بالحجم الطبيعي يطبخون أو يشاهدون التليفزيون؛ مشاهد تفتنها، حتى مع علمها بأنه لا شيء مميز بالداخل.
كان ما رأته حين انعطفت إلى ممرها الموحل غير المرصوف مجموعة من تلك الأبواب التي وضعها جون، تؤطر حشا بيتهما المتوهج. السلم النقال، ورفوف المطبخ التي لم ينته من العمل عليها، والدرجات العارية، وخشب دافئ يتألق بنور المصباح الذي وضعه جون ليشع نورا أينما أراد، وأينما كان يعمل. يعمل طول اليوم في ورشته، وحين تبدأ العتمة، كان يرسل مساعدته إلى بيتها، ويبدأ العمل في المنزل؛ إذ يسمع سيارتها، يدير رأسه إلى اتجاه جويس للحظة فقط، محييا إياها. عادة تكون يداه مشغولتين جدا فلا يستطيع تحيتها بهما. وإذ تجلس هناك وقد اطفأت أضواء السيارة؛ وتلتقط البقالة أو البريد الذي يجب أن تأخذه إلى البيت، كانت جويس سعيدة بتلك الدفقة الأخيرة عبر الظلام والرياح والمطر البارد إلى الباب. شعرت أنها تطرح عنها عمل اليوم الذي كان مزعجا ومحيرا، ومليئا بتوزيع الموسيقى على المتجاوبين وغير المكترثين كذلك. كم هو أفضل أن تعمل مع الخشب ومع نفسك - لم تحسب المساعدة - عن أن تعمل مع طفل صغير لا يمكن التنبؤ بأفعاله.
لم تقل أيا من هذا لجون. كان يكره أن يسمع الناس يتحدثون عن أهمية، وروعة، وشرف التعامل مع الخشب. أي نزاهة في هذا العمل، وأي شرف؟!
Página desconocida