Senda de la vida
سبيل الحياة
Géneros
وتقبل سلام المعجب بك المعتمد بعد الله عليك».
وفي وسع القارئ أن يدرك مبلغ حيرتي، فإنه لا يسعني إلا أن أتمنى لمثل هذا الرجل الصحة والسلامة، ولكن المصيبة والبلاء العظيم أنه إذا صح وسلم كان خليقا ألا يعود إلى كتبي ليقرأها، فما العمل؟.. هذه هي المسألة - كما يقول هملت - وليس ذنبي أن الأمراض تحبب الناس في كتبي، فإذا كنت أسر حين أقرأ في الصحف أن الملاريا انتشرت فإن لي العذر، فما كان هذا ظني، ولا خطر لي قط على بال، ولكن مشيئة الله جعلتني مثل «الحانوتي» الذي يسره ويفرحه ما يحزن الخلق ويبكي المفجوعين. ولهذا ترونني إذا سمعت بفشو مرض أدخل مسرورا على أهل بيتي وأقول لزوجتي: «خذي يا امرأة.. (وألقي إليها بكل ما يكون معي، قل أو كثر) خذي وأنفقي بلا حساب، فإن ما عند الله أكثر».
فتعجب وتسألني: «ماذا جرى؟ هل ربحت ورقة يانصيب؟»
فأقول منكرا عليها هذا الخاطر: «وهل مثلي يعني بورق اليانصيب؟ سبحان الله يا امرأة في طبعك!»
فتقول ضاحكة: «ولكن ألا تخبرني؟.. إنني أكاد أموت شوقا إلى المعرفة».
فأقول وأنا أرمي إليها بالصحيفة التي قرأت فيها خبر المرض المتفشي، وعجز وزارة الصحة عن مكافحته: «خذي واقرئي، واشكري الله، وقبلي يدك بطنا وظهرا، فلن نجوع أن نفتقر، مادام في الدنيا شيء اسمه وزارة الصحة. لقد جعلوها وزارة.. رفعوها ورقوها ووسعوها.. أليس هذا باعثا قويا على الاطمئنان والثقة بالله؟» •••
وقد بالغت حين قلت إني محبوب من اللصوص وما أردت إلا أن لصا واحدا - على ما يظهر لي الآن - هو الذي يحبني، فلقد تلقيت مرة كتابا يذكر لي فيه انه سمع باسمي وشهرتي، فعرف أني كاتب عظيم جدا، فهو يكتب إلي مستنجدا فقد اتهموه بسرقة كلب. والقضية معروضة على القضاء، وكان محبوسا رهن التحقيق، ثم أفرجوا عنه بالكفالة الشخصية، وهو يحتاج إلى محام يدافع عنه ولكنه لا مال معه فهل أستطيع أن أدله على محام كريم، أو أعينه بطريقة أخرى..؟ وهو يرتك الأمر بين يدي واثقا من مروءتي وكرمي فإن مثلي لا يخيب من يقصده.
هذا هو الزبون الجديد، وقد قلت لنفسي لما تلقيت هذا الكتاب العجيب: «والله نجحت يا مازني!.. بلغت شهرتك أخفى الزوايا وتغلغلت إلى لصوص الكلاب.. ما شاء الله!. أحسب أن اللص، حين يخرج إلى السرقة بعد اليوم، ستقول له زوجته أو أمه أو لا أدري من غيرهما: «هل أنت متأكد أن معك كل ما تحتاج إليه؟»
فيقول: «أيوه.. أيوه».
فتقول: «احذر أن تكون نسيت الطفاشة!.. العدة كلها معك؟..».
Página desconocida