زكي
على مكتبه باسطا ذراعه أمامه، دافنا وجهه فيها وهو ينشج. وغادرت الجريدة إلى الشارع، وكان الظلام ينتشر بسرعة والناس تجري في كل اتجاه وهم يصيحون ويهتفون، ثم أخذوا يشكلون اتجاها واحدا إلى
مصر الجديدة
وهم يرددون في جنون اسم «
ناصر ». وظهرت بعض الأنوار في المحلات والمنازل، ثم دوت أصوات مدافع فوق رءوسنا، فساد الظلام من جديد، لكن الجماهير واصلت اندفاعها، وسرت معهم قليلا، ثم انفصلت عنهم وانحرفت في شارع جانبي. وعند مفترق طريقين التمع ضوء سريع ظهرت فيه كتلة من الشعر الأبيض ووجه مليء بالتجاعيد. وكان الرجل يسير نحوي. كنت أعرفه، وكان يتردد على السجون باستمرار منذ سنة 46. وساد الظلام مرة أخرى. فمر بجانبي دون أن يراني. لم أحاول إيقافه، وأخذت أبحث عن تاكسي. وجدت واحدا بصعوبة رضي أن يحملني إلى منزل أخي، وقال السائق إنه لا يستطيع الذهاب من شارع
رمسيس
لأن الجماهير تسد الطريق، فذهبنا من
العباسية
ولم نستطع المرور من النفق فقمنا بدورة واسعة، وأخيرا وصلت المنزل. وعندما دخلت أضأت النور دون أن أعبأ، وانطلقت إلى غرفتي فجذبت حقيبتي من فوق الدولاب. وضعت بها بعض الملابس والكتب، وفتحت درج مكتبي وأخذت كراستي وألقيت بها في الحقيبة، ثم أغلقتها وجلست على حافة الفراش. أشعلت سيجارة وفكرت: إني لا أعرف مكانا أذهب إليه، وفي وسعهم أن يصلوا إلي في أي مكان. أطفأت سيجارتي في المنفضة، ودفعت الحقيبة بقدمي حتى استقرت أسفل السرير.
الفصل السابع
Página desconocida