الدليل الثاني:
قوله تعالى: {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة}(1) فسروا الحسنى: بالجنة، والزيادة: بالرؤية، مستدلين بحديث صهيب: (( إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار نادى مناد: يا أهل الجنة إن لكم عند الله موعدا ويريد أن ينجزكموه فيقولون: ما هو؟ ألم يثقل موازيننا ويبيض وجوهنا، ويدخلنا الجنة، ويجرنا من النار؟ فيكشف الحجاب، فينظرون إليه، فما أعطاهم شيئا أحب إليهم من النظر إليه ))(2).
الجواب: كما تلاحظ إن لفظة (الزيادة) مبهمة غير دالة على الرؤية وضعا ولا استعمالا، من قريب ولامن بعيد، أما الحديث الذي عولوا عليه تفسيرها فدلالته على ما قالوه ضعيفة جدا(3).
أولا: فلأن النظر لايلزم أن يكون بمعنى الرؤية كما سبق في آية القيامة بيانه. وكشف الحجاب يجوز أن يكون كناية عن مزيد الإكرام ورفع الدرجات وفتح أبواب العطاء غير المحدود، وهو الذي يتعين أن يحمل عليه كشف الحجاب والنظر إلى الله في الحديث، لدفع التعارض بين آيات الله وأحاديث رسوله صلى الله عليه وآله وسلم.
ثانيا: فلأن حمل الزيادة على هذا المفهوم يتعارض مع ما استندوا إليه من المفهوم الذي عولوا عليه في تفسير آية القيامة، التي استندوا إليها في إثبات الرؤية فإنه يلزمهم بموجب ذلك المفهوم أن تكون الرؤية حاصلة في الموقف قبل دخول الجنة مع أنها حسب تفسيرهم لآية الزيادة وحديث صهيب لا تكون إلا بعد دخول الجنة.
ثالثا: فلأن ذلك يتعارض مع حديث أبي هريرة وأبي سعيد الذي استندوا إليه في إثبات الرؤية في الموقف(4).
Página 65