أولا: مخالفته للصرائح العقلية القاضية بأن بين المخلوق والخالق أمدا بعيدا وأن الخالق كما وصف نفسه: {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير}(1)، فالقول برؤيته، جلت قدرته، يوجب كونه محدودا، ولو تحدد لوقع في دائرة الحس ولأصبح شيئا من الأشياء يحويه مكان وتفرغ منه أمكنه ويراه خلق ويغيب عن خلق، وذلك مما يذهب بجلال ذاته وينزل من قدرها ويسقط من هيبتها، والعاقل الرشيد ينكر أن يكون الإله كذلك وأنه متحيز في جهة يحضر ويغيب.
وهاهو خليل الله إبراهيم (ع) قد نظر إلى النجم ثم القمر فلما أفلا قال: {لا أحب الآفلين}، والمراد بالحب هنا: الإجلال والتقديس، ثم نظر إلى الشمس فلما أفلت الشمس التمس الإله في غير الكواكب والشموس: {فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا أكبر فلما أفلت قال ياقوم إني بريء مما تشركون إني وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين}(2).
فصفات الله جل شأنه وعظم سلطانه لاتتغير، وذاته لاتتحول، فهو على ما عليه كان لايغيره زمان ولايحويه مكان.
ثانيا: فإن حمل النظر المذكور في الآية على الرؤية يتعارض مع أدلة نفيها المحكمة الصريحة والقطعية وستأتي لك في ثنايا هذه الصفحات إن شاء الله.
ويحدث من هذا التعارض التناقض في كتاب الله، وهو {لايأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد}(3).
Página 51