La visión de Dios entre la razón y la tradición

Abdullah Ibn Hamud Cizzi d. 1450 AH
111

La visión de Dios entre la razón y la tradición

رؤية الله تعالى بين العقل و النقل

والخلاصة من كل ما تقدم: أن دلالة الآية الكريمة على انتفاء رؤيته تعالى في الدنيا والآخرة دلالة قاطعة، وكل ما تعلق به القائلون بخلاف ذلك لا يتجاوز أن يكون ضبابا من الوهم، لا يلبث أن يتلاشى بإشراق شمس الحقيقة ويؤيد نصيتها على ذلك، تذييلها بقوله تعالى: {وهو اللطيف الخبير} فإن قوله (اللطيف) كالتعليل لقوله تعالى: {لا تدركه الأبصار}، وقوله (الخبير) كالتعليل(1) لقوله: {وهو يدرك الأبصار} والصفتان المذكورتان من صفات ذاته تعالى لا تتبدلان أزلا وأبدا، أما (الخبير) فكونها من صفات الذات ظاهر لانه كالعليم، وأما (اللطيف) فلأنها كما يقول الإمام ابن عاشور: (( صفة مشبهة تدل على صفة من صفات ذات الله تعالى وهي صفة تنزهه تعالى عن إحاطة العقول بماهيته أو إحاطة الحواس بذاته وصفاته، فيكون اختيارها للتعبير عن هذا الوصف في جانب الله تعالى هو منتهى الصراحة والرشاقة في الكلمة، لأنها أقرب مادة في اللغة العربية تقرب معنى وصف ذاته تعالى بحسب ما وضعت له اللغة من متعارف الناس )) (2).

وذهب الزمخشري إلى أن قوله تعالى: {اللطيف} معناه: أنه تعالى يلطف عن أن تدركه الأبصار لتجرده وبساطته كمال وتمام التجرد والبساطة، و(الخبير): أنه تعالى خبير بكل لطيف مهما لطف ودق. فهما قرينة على أنه تعالى يدرك الأبصار لا تلطف عن إدراكه وهي لا تدركه للطفه، وهذا من باب اللف)) وهي التفاتة أدبية خبيره ونكتة علمية لطيفة(3).

Página 114