Pioneros del renacimiento moderno
رواد النهضة الحديثة
Géneros
رواد الصحافة
كتاب النضال
رواد النهضة الحديثة
رواد النهضة الحديثة
تأليف
مارون عبود
ما هذه مقدمة
يا سبحان الله! قلما خلت عادة من فائدة، فالمرحوم والدي - رحم الله موتاكم جميعا - كان يجبرنا على الصلاة الجمهورية كل مساء، فلا ينساها ليلة، ولا يخرم منها حرفا. أذكر أنه ساقنا كلنا مرة، وركعنا بجانب فراش أمي الممغوصة، وقال لها: «يا أم مارون، صلي معنا تصحي.» حاولت المسكينة أن تضحك فكشرت، وقالت: «أهي فنجان بابونج أم كأس عرق؟» فضحك، وقال: «صلي، بعد الصلاة يكون ألذ وأطيب.»
كانت أمي - نيح الله نفسها - من القانتات؛ تحب الصلاة كثيرا، كيف لا وهي بنت الخوري موسى الذي كان يتوسل إلى ربه بصلاة أطول من يوم الجوع، ليرفض عنه الشباب الذين يسهرون عند بناته الكثيرات ... وقد سماهن كلهن على وزن واحد، وإليك اسم المرحومة الوالدة «كاترينا»؛ لتعلمه، وتقيس عليه ... ولكنها - أي أمي - كانت تهوم متى قامت الصلاة، فتأخذ بالسجود اللاشعوري، ثم لا تنفك تفعل ذلك حتى يرفع الوالد عقيرته مرتلا «طلبة السيدة». وكثيرا ما كان ينكعها إذا لم توقظها أول كيرياليسون ... ثم يمضي غردا كفعل الشارب المترنم على ما في صوته من بحة وصحل. وإذا استعجلنا نحن أخذ يتمطط هو على هواه، فنسير الهوينا اتقاء لشره، ثم لا نتنفس إلا حين يناجي العذراء، ويضعنا «تحت ذيل حمايتها» ... ولكنه يعود فيستأنف الصلاة من جديد، فتكون كذنب الطاووس في الكبر لا في الجمال، فيقول خمس مرات: أبانا وسلام لأجل راحة نفس جدكم؛ ليعامله الله بالرحمة. ويفرض مثلها لجدنا الآخر، ولجدتنا الأخرى، ومثلها لأقاربنا أجمعين، ومثلها لجميع الموتى المؤمنين، ومثلها لأجل ارتفاع شأن الكنيسة المقدسة، ومثلها لكل من آجر في بناء كنيسة الضيعة، ثم لأجل من له علينا فضل وتعب، وأخيرا لأجل «المنقطعين».
قد لا تكون جنابك من «شعب الله الخاص» فلا تفهم ما يراد «بالمنقطعين»، وقد لا تستطيع الوصول إلى الصديق الأستاذ الغلبوني؛ ليشرح لك من هم، فقد ورث الاهتمام بأمرهم عن المرحوم أبيه الفاضل. والأستاذ الغلبوني مفضل على أبي؛ لأنه قام مقامي، وقدس لأجل خلاص نفسه أربعين قداسا ... كان الأستاذ قد ظن أن والدي من «المنقطعين»، وعد وجودي كالعدم ... فهنيئا لوالدي. أما كافأه الله حالا، على ذكره المنقطعين بصلاته طول العمر!
Página desconocida