وأوصى بأن تكتب على قبره هذه الأبيات:
يا من يرى مدّ البعوض جناحها ... في ظلمة الليل البهيم الألْيَل
ويرى عروق نياطها في نَحرها ... والمخّ في تلك العظام النّحّلِ
اغفر لعبد تاب من فرطاته ... ما كان منه في الزمان الأول (١)
"ويروى أنه تاب في آخر عمره ورجع إلى مذهب أهل السنة والجماعة، وهو المرجو عن مثل هذا الإِمام، والعلم عند الملك العلام" (٢).
ثناء العلماء عليه
لقد استوجبت الخصائص الخلقية والعلمية التي اتصف بها العلامة الزمخشري، ثناء العلماء والأدباء عليه قديمًا وحديثًا، خلده له التاريخ عبر القرون لما كان له من مكانة مرموقة في الأوساط العلمية. ويعد الزمخشري إمام عصره في اللغة بلا مدافع كما وصفه الباحثون، ومن ذلك ما ينقله القفطي عن الإِمام أبي اليمن زيد بن الحسن الكندي، قوله: "كان الزمخشري أعلم فضلاء العجم بالعربية في زمانه، وأكثرهم اكتسابًا واطلاعًا على كتبها، وبه ختم فضلاؤهم" (٣).
وقال القفطي في ترجمة الزمخشري: "وكان ممن يضرب به المثل في علم الأدب والنحو واللغة، وصنف التصانيف: في التفسير وغريب الحديث، والنحو وغير ذلك، ودخل خراسان، وورد العراق، وما دخل بلدًا إلا اجتمعوا عليه: وتلمذوا له واستفادوا منه، وكان علاّمة الأدب، ونسّابة العرب، أقام بخوارزم، تُضرب إليه أكباد الإِبل، وتحط بفنائه رحال الرجال، وتحدى باسمه مطايا الآمال" (٤).
_________
(١) انظر: وفيات الأعيان ٥/ ١٧٣.
(٢) ذكره (البرتوس ميورسينخ) محقق كتاب طبقات المفسرين للسيوطي في ترجمة الزمخشري (طبعة طهران، ١٩٦٠ م)، ص ٤١.
(٣) انظر: إنباه الرواة ٣/ ٢٧٠؛ مفتاح السعادة ٢/ ١٠٠.
(٤) إنباه الرواة ٣/ ٢٦٥، ٢٦٦، ما بعدها بالتفصيل.
1 / 54