Roma
الروم: في سياستهم، وحضارتهم، ودينهم، وثقافتهم، وصلاتهم بالعرب
Géneros
وهو أشد القرون عقما في تاريخ الفكر البيزنطي، ولعل السبب في ذلك هول الأخطار التي أحدقت بالدولة وتتابع الحروب الطاحنة التي استنفدت جهودها، فشغلت أبناءها عن العمل في حقل الفكر والفن.
وأفضل ما تبقى من آثار هذا القرن في التاريخ والأدب شعر جاورجيوس البسيدي شماس كنيسة الحكمة الإلهية في القسطنطينية، عاصر هذا الشماس هرقل ونظم في حروبه الفارسية وفي حصار القسطنطينية سنة 626 قصائد خاصة بقيت موضع إعجاب الروم زمنا طويلا، ورجال الاختصاص يجمعون اليوم على أن جرجس البسيدي أفضل من نظم عند الروم في المواضيع الزمنية غير الدينية.
1
وقد عاصر هرقل مؤرخ آخر هو يوحنا الأنطاكي، فكتب تاريخا عاما منذ آدم حتى آخر أيام فوقاس (610)، ويرى فريق أن ما ينسب إليه هو في الحقيقة نتاج قلم يوحنا ملالاس الأنطاكي، على أنه قول ضعيف؛ لأن ملالاس كتب بوصفه أنطاكيا ينظر إلى تاريخ العالم من نافذة أنطاكية دون سواها، أما يوحنا الذي نحن بصدده، فإنه ينظر إلى الحوادث العالمية بوصفه رجلا عالميا لا أنطاكيا فقط، وهو أشد حذقا في تناول مراجعه وتقديرها من يوحنا ملالاس، وفي عصر هرقل أيضا نشأ إكليريكي مجهول فدون خرونيقون الفصح
Chronicon Paschale
وذكر حوادث العالم أيضا منذ آدم حتى السنة 629، ولهذا الخرونيقون أهميته؛ لأن صاحبه يذكر فيه مراجع زملائه المؤرخين ويدون بعض ما شاهد أو عاصر من الأحداث والأشياء.
والجدل العنيف الذي نشب في القرن السابع حول المشيئة الواحدة؛ نشط التأليف في هذا القرن، على أن ما صنف في تأييد القول بالمشيئة الواحدة قد أهمل ففقد بعد انتصار القول بالمشيئتين. ولا سبيل إلى تعرف من كتب في المشيئة الواحدة إلا بطريق من كتبوا يردون على هذا القول، وأشهر أصحاب الرد على القول بالمشيئة الواحدة مكسيموس المعترف، وهو قسطنطيني الموطن، شريف النسب، فيلسوف ولاهوتي مرموق، كان في أول أمره كاتب سر لهرقل الفسيلفس، فلما قال الفسيلفس بالمشيئة الواحدة خرج مكسيموس من البلاط الملكي واعتزل في دير في خريسوبولي «أسكي دار»، ثم صار رئيسا لهذا الدير، ومن هنا التعبير الغربي
Maxime l’Abbé ، وقد دافع عن القول بالمشيئتين والفعلين، وكتب الكتب متأثرا بمؤلفات أثناسيوس الكبير، وغريغوريوس النزيانزي وغيرهما.
وكان عهد قسطنطين الثالث، فأمره أن يكف عن الخطابة والكتابة فأبى، فأمر الفسيلفس بقطع لسانه ويده اليمنى، ثم نفاه إلى لازقة، فتوفي في المنفى في السنة 662، وأعلن في القديسين، ولا يزال الأرثوذكسيون، حتى يومنا هذا، يرتلون: «لنمتدحن حق الامتداح مكسيموس العظيم، عاشق الثالوث، الذي حكم بصراحة للإيمان الإلهي بأن يمجد المسيح بطبيعتين ومشيئتين وفعلين، ولنهتفن قائلين: السلام عليك يا كاروز الإيمان.»
ويرى بعض رجال الاختصاص أن مكسيموس المعترف جمع في رسائله ومؤلفاته بين التصوف النظري الذي وضعه ذيونيسيوس الآريوباغوسي وبين مشاكل الرهبانية العملية، فاستحق بذلك أن يدعى مؤسس التصوف البيزنطي.
Página desconocida