Roma
الروم: في سياستهم، وحضارتهم، ودينهم، وثقافتهم، وصلاتهم بالعرب
Géneros
23
وبطبيعة الحال أيد الفسيلفس بطريرك عاصمته فبذرت بذور الشقاق والانفصال بين فرعي الكنيسة الأم، وقضت ظروف - سبقت إليها الإشارة - بأن يهاجم ضباط الجيش الإمبراطوري القصر الباباوي سنة 639 وأن ينهبوا كنوزه، وفصل قسطنطين الثالث في السنة 659 كنيسة رابينة عن كنيسة رومة، وفي السنة 653 أوقف إكسرخوس رابينة البابا مرتينوس وأرسله إلى القسطنطينية، فتركت هذه الأعمال كلها أثرا سيئا في نفوس أبناء رومة وغيرهم. ومما زاد في التباعد بين الفرعين الرئيسين للكنيسة الأم أن اللغة اليونانية في رومة قل تداولها وتفهمها بقدر ما قل تداول اللاتينية وتفهمها في القسطنطينية.
24
وبرغم الاتفاق الذي ساد جو المجمع المسكوني السادس المنعقد في السنة 680؛ فإن شيئا كثيرا من الحذر وقلة الثقة بقي كامنا في الصدور، ثم جاء المجمع البنثيكتي في السنة 692 فأكد مرة ثانية بأن يكون لكرسي القسطنطينية التقدم «أسوة» بتقدم كرسي رومة القديمة،
25
فلم يكن ذلك مما ارتاحت إليه النفوس في رومة الارتياح كله.
وأدى تعاظم أمر الرهبانية في الدولة إلى زيادة كبيرة في عدد الرهبان، وبالتالي إلى نقص في دخل الخزينة؛ لأن القانون أعفى الرهبان من دفع الضرائب، كما منع جبايتها عن الأوقاف الدينية. وتوافرت ثروة الرهبانيات، فقوي نفوذها، وأصبحت عنصرا سياسيا هاما يتدخل في أحيان فيعرقل سير السياسة ويعقد مشاكلها، ومن جراء الانسياق غير الواعي في موجة من التعبد الشديد؛ ساد النفوس ضرب من القدرية الغاشمة أفضت بدورها إلى فقدان النشاط والعزم والحزم وروح المبادرة، ولا سيما إزاء الحوادث الكبرى.
26
الفصل الثامن عشر
الآداب والعلوم والفن في القرن السابع
Página desconocida