El espíritu del gran Mahatma Gandhi
روح عظيم المهاتما غاندي
Géneros
والواقع أن العظماء من أبناء جيل قد يفوتهم أن يفهموا الجيل الذي ينشأ بعد زمانهم، ولكن المسألة هنا ليست مسألة جيل قديم وجيل جديد؛ لأن النزعات الجنسية غير مجهولة في جيل من الأجيال أو أمة من الأمم. ولو أن غاندي قال ما قاله عن النزعات الجنسية قبل ألف سنة لكان موقفه من أبناء ذلك الزمان كموقفه من أبناء زمانه، وهو يعلم ذلك ولا يجهله، وقد أجاب الطالب الذي وجه إليه ذلك الخطاب بما في هذا المعنى، ثم قال له: إن ضبط النفس لا يعني أن تكف عن العمل الجنسي وحده، وإنما يعني الكف عن الإغراء وعن التغذية المثيرة وعن الملامسات الذهنية والحسية، كما يعني القدرة على تحويل الغريزة إلى جهة غير وجهتها الجسدية بما يشغل النفس من شواغل العطف والفكر والمحاسن الروحانية. ولكنه إقناع لا يخفق مع سامعيه لضعف في الحجة أو نقص في البيان، بل لقوة في الغريزة ورغبة عن الاقتناع.
كذلك كانت وصايا غاندي بالمسالمة في وجه كل عدوان تجاوز طاقة الاحتمال. فإن الجيل الجديد كان يصغي إليها، وكان لا يكفر «بالاهمسا» التي تلقاها مع موروثاته من مئات السنين، بل ألوف السنين، ولكنه كان يتكلف عنتا حين يتكلف كظم الفتوة التي تغلي في دمه، وكان يستحيي أن يغضب «المهاتما» إذا نوى الصيام احتجاجا على أعمال العنف والمقاومة الدموية، فيمسك عن المقاومة إلى حين، وهو يعلم أن المهاتما يكلفه ما لا يطيق.
إلا أن غاندي مع هذا لم يهبط في نظرهم، بل ارتفع إلى مقام الآلهة والأنبياء، فجعلوا وصاياه من قبيل وصاياهم، وجعلوا عصيانهم لها مكرهين من قبيل عصيانهم للوصايا الإلهية حتى تقصر عنها طاقة البشر، وإن كانت عندهم أهلا للإيمان، وأهلا للاتباع.
ومن الأمور التي لها دلالتها في هذا الصدد أن غاندي مات بيد شاب جاوز الثلاثين، فكان هذا أعنف اصطدام بينه وبين مخالفيه، ولكنه لم يكن اصطداما بينه وبين شاب من أنصار التقدم أو أعداء القديم، بل كان اصطداما بينه وبين شاب يتعصب للقديم ولا يقبل التسامح فيه.
ومن هنا يبدو لنا محور المشكلة في دعوة غاندي أو محور الصعوبة في مجاراة هذه الدعوة، فليست هي مشكلة الصراع بين عقل قديم وعقل حديث، ولكنها هي المشكلة الأبدية التي لا تزال قائمة مع كل إصلاح، ونعني بها مشكلة التغلب على الطبيعة البشرية ، أيا كان تفكير المصلح أو تفكير المخالف ... وهي معركة باقية لا تتغير في العسر أو اليسر بين جيل وجيل.
... والمرأة
يقول الذين يعتقدون تناسخ الأرواح من الهنود: إن الذي يلد يولد، وإن الإنسان يعود إلى عالم الجسد ما دام يلد الأبناء ويخرجهم في عالم الجسد، وإنما ينفصل من المادة ويتصل بعالم الروح، ويفلت من سلسلة الولادة المتجددة، بعد انقطاعه عن كل صلة جنسية، وقيامه بفروض النسك والتبتل.
فولادة النسل عمل يجزى عليه الإنسان بالعودة إلى الولادة، ويستوي في هذا الجزاء الرجل والمرأة، فليس في الديانة الهندية لعنة خاصة بالمرأة في الإغراء على الخطيئة.
ولهذا يندبون الذكور والإناث إلى ضرب من الزواج تنقطع فيه العلاقة الجسدية بين الزوجين، وتقوم الصلة فيه بينهما على العلاقة الروحية دون غيرها.
فكانت هذه الروحانية أشد على المرأة الهندية من لعنة الخطيئة التي لاحقتها في الديانات الأخرى.
Página desconocida