فببغضي أبغضهم ومن آذاهم فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله ﷿، ومن آذى الله فيوشك أن يأخذه" (١).
قال المناوي:" الغرض: الهدف المقصود بالرمي، ثم جعل اسما لكل غاية يتحرى إدراكها، وقال الشريف: الغرض هو الفائدة المترتبة على الشيء من حيث هي مطلوبة بالإقدام عليه " (٢).
فالأهدف والأغرض بمعنى واحد، وهما: الغاية التي يتحراها طالبها للوصول إلى مراده، ولا تتحقق إلا بالإقدام عليها، وقد تكون واحدة أو أكثر، كلية أو جزئية.
المطلب الثاني: شروط تحقيق الأهداف (في ضوء السنة النبوية)
لتحقيق الأهداف شروط مهمة يجب توفرها حتى تتحقق الأهداف، وأهم هذه الشروط:
أولًا: أن يكون الهدف محددًا واضحًا:
خلق الله تعالى هذا الكون بنظام دقيق، فهو يسير وفْق غاية محددة وهدف منشود، وهذا النظام الكوني البديع مرآة تدلّ على أنّ كل شيء فيه له هدف. قال تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاء وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ﴾ الأنبياء١٦، فالله ﷻ خلق هذا الكون ونظمه، وجعل له أهدافًا بينة وواضحة ﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ﴾ القمر٤٩. فالأنسان -أي انسان - لو تامل قليلًا بتجرد تام في ملكوت السموات والأرض لما ملك نفسه أن يعترف بهذا الخالق العظيم.
ولما كان الأنسان خليفة في هذه الأرض كان عليه أنْ يعرف الهدف الذي يعيش من أجله، ويسعى لتحقيقه، وإلاّ فإنه ولد وعاش وسيموت وهو لا يدري لم خلق وأين سيمضي.
أما المسلم الدّاعي إلى الله فيجب عليه أولًا أن يُحدِّد الهدف من دعْوته، وتحديد الهدف يدفعه إلى سلوك السبل الصحيحة المرتّبة في حياته، فيكون لكلامه حينئذٍ أكثر نفعًا، وأبلغ تأثيرًا.
وأزعم إنّ ما يَحدُث في ميدان الدّعوة اليوم من اخفاقات سببها في أغلب الأحيان عدم تحديد الأهداف ووضوحها، إذ يَتَشتّت ذهن المستمع في موضوعات شتَّى وفي أمور متنوِّعة، تجْعله ينصرف عن الدّعاة، لأنه لم يجد لديْهم هدفًا مُحدّدًا.
ولقد حدّد الله ﷾ الهدَف من خلْق الإنسان قبل خلقه!،فقال: ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ﴾ البقرة٣٠،وأمر الملائكة أن يسجدوا له فقال: ﴿فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ
(١) أخرجه أحمد ٥/ ٥٧،والترمذي (٣٨٦٢)،وغيرهما، واسناده ضعيف. (٢) التوقيف على مهمات التعاريف ص ٥٣٦.
1 / 6