فتنهد ثانية وقال: نعم. - إني أعجب يا سيدي كيف أن مثل هرمين تبلغ من فساد الذوق إلى أن لا تحب مثلك، وترغب عنك بسواك. - إنها تحب شابا لا يستحق حبها، فهو غير أهل لها. - كيف ذلك؟ ومن هو هذا الشاب؟ إنني أريد أن أدقق البحث في هذا الشأن، وهي آتية فسنرى.
فصاح أندريا صيحة اندهاش وقال: أهي آتية إلى هنا؟ - لا ريب في ذلك، فإننا ننتظرها للعشاء.
فنهض مسرعا وقال: أستودعك الله يا سيدتي، فإني لا أطيق النظر إليها، وليس بوسعي أن أقف أمامها.
ثم خرج مسرعا بغير أن يدع لها مجالا لمنعه.
وبعد أن مثل هذه الرواية المضحكة، وسار إلى منزل صديقه البارون دي مادي، ووصل بيرابو وهرمين وأمها إلى المنزل، فوجدا مدام كرمارك على غير ما عهدوها من البشاشة، فسألوها عما أصابها فقالت: إني أعجب لأطوار الإنكليز، فإنهم كثيرو الشواذ في معاملاتهم.
فإجابها بيرابو: عن أي إنكليزي تعنين؟ - ألم تصادفوه في مسيركم؟ - من ذاك؟ - السير فيليام.
فقال بمزيد الاندهاش: كيف رأيته، وأنا أبحث عنه في كل مكان؛ لأني مديون له بحياتي؟ - كيف ذلك؟!
فقص بيرابو حديث المركبة وجموح الجواد.
قالت: كل ذلك يدل على أنه من نبلاء القوم، وقد جاء إلى هنا منذ حين بحجة أنه تائه عن الطريق، ثم ذهب لأنه لم ... وكادت تظهر السبب في رحيله، ثم رأت أن ذلك لا يوافق قصه أمام هرمين، فأرادت إبعادها بحيلة فقالت لها: أرجوك أن تذهبي إلى المطبخ وتحثي الطاهي على تهييء الطعام. فذهبت هرمين، ولما خلا بهم المكان قالت مدام كرمارك: أتعلمان أن السير فيليام عاشق مفتون. فأشار بيرابو برأسه إشارة إيجاب، قالت: أتعلم ذلك؟ - نعم، إنه قد توله بحب هرمين، وقد خطبها من شهر. - أرفضت طلبه؟ - لم أرفضه إلا لأن هرمين كانت مخطوبة، وهي على أهبة الزواج.
ثم قص عليها حديث فرناند روشي، وكيف ارتكب ذلك الإثم الذي زج بسببه في السجن، وهتك حرمته بما دعا إلى حل هذا العقد بينهما.
Página desconocida