فارتجفت حنة وقالت: ولكن ألا يعترض هذا الحب صعاب؟ - نعم، ولكن هذا الفتى النبيل الذي يحبك سيتغلب على جميع الصعاب، ثم إن هذه الصعاب لا تكون من جهة أهله. - إذن ممن؟ - من أهلك، أو من الذين يقولون إنهم يحبونك.
فافتكرت حنة عند ذلك بداغوبير، وقالت لها تنوان: لا تستائي لذلك يا سيدتي؛ لأني أقرأ مستقبلك في يدك كما تقرئين أنت في الكتاب، فأعلم ما سطر لك في لوح المقدر، والذي أراه أن من يهواك سيفوز على جميع الصعاب.
وعند ذلك سمعتا أن باب الدير قد فتح، ورأت حنة أن داغوبير قد خرج منه فأفلتت إفلات الظبي وقالت للنورية: أرجوك لا تقولي لداغوبير إنك رأيتني.
ثم تركتها وصعدت إلى غرفتها، فبقيت تنوان وحدها.
وبعد هنيهة وصل داغوبير فقال للنورية: إنك إذا كنت قد تنبأت لي بأمور لا أستطيع تصديقها، فقد قلت لي أيضا أمورا أكيدة. - كيف ذلك؟ - لقد قلت لي إني مقبل على سفر، وقد صدقت نبوءتك لأن الأب جيروم رئيس الدير أمرني بالسفر اليوم. - لعله يرسلك إلى محل بعيد؟ - إلى أورليان. - إذا كنت قد صدقت في بعض نبوءتي، فلماذا لا أكون صادقة في جميعها؟ - أتعنين أني سأكون غنيا نبيلا؟ - هو ذاك، فقد قرأت ذلك في يدك كما قرأت نبأ سفرك.
فضحك داغوبير لها دون أن يجيب، وأخذ يصنع لها نعل الفرس حتى إذا أتمه قال لها: إنك تستطيعين أن تسافري الآن. - أشكرك يا سيدي، وسوف ترى أن نبوءتي كانت صادقة فلا تذكرني إلا بالخير.
فضحك وقال لها: وأنت سوف ترين أن نعل فرسك متينا، فلا تذكريني إلا بالثناء، وواحدة بواحدة جزاء.
وسارت تنوان في مركبتها وهي توهمه أنها سائرة في طريق بيتهافر حتى إذا توارت عن أنظاره، عطفت إلى الغابة وسارت فيها حتى وصلت إلى قصر بوربيير في الساعة الثامنة من الصباح.
وكانت الكونتس لا تزال نائمة، ولكن تنوان كانت تدخل إليها حين تشاء دون استئذان.
ففتحت الباب الموصل من حجرتها إلى حجرة الكونتس، ووجدتها مضطجعة في سريرها دون نوم واحمرار عينيها يدل على أنها لم تنم تلك الليلة، فلما رأتها داخلة إليها فرحت لقدومها وقالت لها: ما وراءك من الأخبار؟
Página desconocida