سرك أن تحيا وتبلغ علم اليقين، فاحتل في كل حين أن تغلب شهوات الدنيا، فإنه من يغلب شهوات الدنيا يفرق الشيطان من ظلمه). فهذه شهوات الدنيا إذا كانت مع الهوى.
فإما إذا تناولها وكان وله قلبه بين يدي الله تعالى في ملك العظمة، كان على سبيل نبي الله تعالى سليمان ﵇، ملك الدنيا شرقها وغربها وقلبه أخشع القلوب لله ﷿، فلم يضره، فقال تعالى: (هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب). ثم قال تعالى: (وإن له عندنا لزلفى وحسن المآب) فإنما ارتفع الحساب عنه، لأنه تناولها وكان وله قلبه إلى الله ﷿، فقد كشفنا عن هذا الأمر بأن قلنا: إن قلب العبد موقوف بين يدي الوله إلى محل العظمة، وبين الوله إلى الهوى إلى محل باب النار؛ ففي العظمة أفراح وزينة، وباب النار أفراح وزينة. فتلك الأفراح بالقلب، وهذه الأفراح التي بباب النار في النفس، هو الهوى، وهو ريح من نفس النار، والذي يورد هذه الأفراح على القلب، هو نور المعرفة ونور العقل، حتى يشخصا ببصر قلبك إلى نور العظمة، فيرجع عليك مع الأفراح، فالعباد موقوفون بين هاتين الحالتين،
1 / 48