تصدير
صدرت الطبعة الأولى من «رياض النفوس» لأبي بكر المالكي (الجزء الأول) سنة ١٣٧٠ هـ /١٩٥١ م بعناية الدكتور حسين مؤنس. وظل النّاس-لا سيّما المعنيين بدراسة تاريخ إفريقية وحضارتها-يترقبون صدور الجزء الثاني منه. لأن كتاب «رياض النفوس» كما يقول محقق جزئه الأول-له أهمية قد لا تغني عنه فيها كتب التاريخ العام ف «.. بينما لا يقدم لنا ابن الأثير وابن خلدون وابن عذارى والنويري إلاّ تواريخ الأحداث السياسية لعصر ولاة بني أمية وأوائل العباسيين ودول الأغالبة والعبيديين وبني زيري، نجد صاحب الرياض يورد من الأقاصيص والأخبار عن الحياة العامة السياسية منها وغير السياسية ما يمكّننا من كشف النقاب عن بعض نواحي ذلك الظلام الدامس الذي يحيط بأحوال إفريقية في تلك العصور» (١).
أما المرحوم حسن حسني عبد الوهاب فقد بيّن أهمية كتاب «رياض النفوس» في تقديمه الجزء الأول من الكتاب بقوله: «.. وأخص ما يمكن أن يجتنيه الواقف على الرياض أمران مهمان نحن في حاجة أكيدة اليوم إلى الوقوف على تفاصيلهما:
الأول أخبار مقاومة أهل السنّة بالقيروان للدعوة الشيعية التي حاول عبيد الله المهدي وخلفاؤه من بعده فرضها جبرا على سكان البلاد. وهي أحداث خلت من ذكرها بالتفصيل المجاميع التاريخية الكبيرة.
الثاني أخبار المرابطة في المعاقل والحصون التي أنشأها عرب إفريقية على شاطئ البحر الأبيض المتوسط اتقاء مهاجمة الرّوم للسواحل المغربية مع بيان حياة المرابطين في غضون القرنين الثاني والثالث للهجرة تلك الظاهرة العجيبة التي تفرّدت بها إفريقية -لما فرضه عليها موقعها الجغرافي-دون غيرها من بلاد الإسلام» (٢).
هذا بالإضافة إلى احتواء الكتاب على الكثير من النصوص ذات الصلة الوثقى بالحضارة والثقافة واللغة بعضها اندثر وبعضها ما يزال حيّا في اللهجة التونسية. وإذا
_________
(١) رياض النفوس (ج ١ ص ٢٢ م) تحقيق د. حسين مؤنس.
(٢) المصدر السابق (٣ م).
مقدمة / 7