============================================================
القبس الاول في التصوف : يجب ان نعلم أولا ان الانسان اكرم الخلائق عند الله حيث وهبه العقل والوجدان اللذين هما اقوى وسائل النجاح . ومن المعلوم ان الانسان لا يصلح فوضى بلا نظام ، وان النظام المادي لا يكتفى به في السر والخلوات، ولا يمنع الانسان من اتباع الشهوات الا الخوف من المحاسبة والمسؤولية امام الله ؛ فيحتاج المجتمع في صلاحه الى الدين كمايجب ان نعلم ان الدين الاسلامي هو واف بجميع اسباب السعادة؛ حيث قال الله تعالى : (اليوم اكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا). وينبغي ان نعلم كذلك ان الدين عبارة عن الاعتقاد والاعمال المقارنة للاخلاص والتقوى الكامل بحيث يسكن القلب والجوارح من رهبة مقامه، جل جلاله، كما اتصف به الرسول صلى الله عليه وسلم. وللصدر الاول من الامة الاسلامية التي هي خير امة اخرجت للمناس اال وسائل وطرق الوصول الى هذه الحال السليمة، فاختار بعضهم طريق الذكر جهرا، وبعضهم طريق الجهاد بالنفس والمال والنفع العام، وبعضهم طريق الذكر بالقلب والتفكر في عظمة الباري، سبحانه وتعالى، ومنهم الصحابي الجليل ابو يكر الصديق رضي الله عنه، فقد وصل الى الاقتراب من الرسول صلى الله عليه وسلم باتباع اخلاقه وأعماله من التفكر في آلاء الله تعالى، ودوام الحزن، والصبر على البلايا، والشكر على العطايا، واداء المأمورات وترك المنهيات حتى يتنور القلب وتفيض انواره على اجزاء الجسد. وكذلك اللذين اختاروا الذكر الجهري ذكروا الله كثيرا حتى تنورت قلوبهم واختصوا بالمكاشفات الروحية.
وقد ترقى أصحاب الطرائق حتى تبعهم اكثر المسلمين وتنورت قلوبهم بها. ولكل طريق آدابه الخاصة للوصول الى اخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم؛ فطريق الصديق المشهور اليوم بالنقشبندية هو دوام الذكر السري بالقلب، حتى يتنور القلب بذكر الله تعالى، ودوام صحبة المرشد وغيره من الصادقين حسب امره تعالى "يا أمها الذين امنوا اتقوا الله وكونوا من الصادقين " وبعد تنور القلب تتنور اللطائف المودعة في صدر كل انسان وهي لطيفة القلب والروح والسر والخفي والاخفى ثم تتنور لطيفة النفس ، وبعد ذلك يغلب على الانسان دوام الحضور والنوجه الى الله تعالى وهو غاية المأمول.
والمترجم له الذي نحن بصدد سرد نيذة يسيرة عن مسيرة حياته الشريفة المعطاء كان
Página 13