ولا وصل إلا أن أروح مغررا ... على ادهم من فوق اخضر مزبد
شوائل أذناب يخيل أنها ... عقارب دبت فوق صرح ممرد
وقال البحتري، من الكامل
ورمت بنا سمت العراق ايانق ... سحم الخدود لغامهن الطحلب
من كل طائرة بخمس خوافق ... دعج كما ذعر الظليم المهذب
وقلت:
ورب ليل غابت شوائبه ... والبدر كالشمس لاح في الأفق
كأنها جزعة يمانية ... تصقل درجا من ابيض الورق
ركبت فيه سفينة تسبق البرق وهوج الرياح في طلق فقلت ويلك، خل علم البيان، وعرفني حقيقة الشان، قال، فجلسن على شاطئ دجلة متأسفات على الجسور متخوفات من العبور، حذرات من ركوب السفن، في هذا التيار مشفقات من حوض ذلك الغمار دهشات من اضطرب. ذلك البحر الزخار، وأنا بحيث أراهم واسمع نجواهم، عدي بن زيد الرقاع العاملي: من الكامل
وكأنها بين النساء أعارها ... عينيه احور من جاذر جاسم
وسنان اقصده النعاس فرنقت ... في عينه سنة وليس بنائم
فقالت إحداهن: لو علمنا إنا ندفع إلى هذا الخطر، ونقدم على هذا الغرر، لما تحلحلت من ذلك المكان، ولسلمت أمرنا الليلة التي تعنيك بالاسم واللقب، وتأتي من شكرك بالعجب، فهو يحب الضيف المفاجئ في الليل الداجي، ويميل إلى الطارق في الجنح الغاسق، فيهش مبتسما، وينشد مترنما: حاتم: من الرجز
أوقد فإن الليل ليل قر ... والريح يا واقد ريح صر
عسى يرى نارك من يمر ... إن جلبت ضيفا فأنت حر
هذا إلى أخلاق أجري من الزلال، وارق من نسيم الشمال. وأشعار كالسحر الحلال، وأخبار أطيب من ذكر ليالي الوصال، البحتري: من الخفيف
من معان لو فصلتها القوافي ... هجنت شعر جرول ولبيد
جزن مستعمل الكلام اختبارا ... وتجنبن ظلمة التعقيد
وركبن اللفظ القريب فأدركن به غاية المرام البعيد فقالت منهن دواء دائك، ومهدية شفائك، والله لو بتنا الليلة عنده، لأحييناها سمرا وجدالا، وأحييناه أنسا ووصالا، ومنعمنا به وأنعمناه بالا، ولقطعناها ليلة انضر من أيام الشباب، وأحلى من رضاب الأحباب، وفزنا بمفاكهته، وشركناه في شرابه وفاكهته، وجرينا معه في فنون وعيون، واجمعنا بين ليلى والمجنون، فقالت أخرى إن كان عزمكم صادقا، فلن تجددوا إلا موافقا، وأنا رسولكم إليه، والقادمة بأخباركم عليه، فما اربحها من تجارة وأحلاها عنده من بشارة فأفوز بوده والثواب، واحصل أجر الشهداء في الجمع بين الأحباب، من الخفيف
إن من بشر المحب بوصل ... وسعى في اجتماعه بالحبيب
لجدير بكل حمد وشكر ... وثواب من المجازى المثيب
فقالت أخرى: بل المصلحة إن نغشاه من غير ميعاد، ونقصده وما أخذ في استعداد، فيتضح لنا حاله عند مشاهدته، ونقرا في ضميره من أسرته، ويكون محبوبه البشير، ويطلع على ليل الهم قمر السرور المنير، أما سمعتن من قال يصف هذه الحال: من المنسرح
افدي حبيبا مثل بدر الدجى ... من فوق لدن العقد مياد
صدوده يذكي غليل الجوى ... والوصل يروى غلة الصادي
رأى جنوني وغرامي به ... فزارني من غير ميعاد
1 / 8