ومع الذي أجده من القلق التام وأجنة من الوجد والغرام، فأنا متطلع إلى عود الغلام: من الطويل
وإني إذا ما اشتقت ليلى وعزني ... إليها سلو أو تعذر مطمع
بعثت رسولي كي يراها فاجتلي ... سنا وجهها من وجه حين يرجع
وقيل في رسول الأحباب أشعارا أصفى من رائق الشراب، وارق من ماء المزن تحدر من متن السحاب، وأنشدني المولى الصالح الأعظم علاء الدين صاحب، الديوان أعز الله نصره لنفسه أيام دعاه الهوى، قلبي داعيه، وناداه الغرام فأجاب مناديه، أيام طلبنا في خدمته بالبيان والطيب، ونعمنا بلذة المبيت فيما شئنا من الطيب وجرينا في ميادين الصبا وركضنا إلى اللهو عنقا وخببا من البسيط
أيامنا بالحمى حييت أياما ... وزادك الله إجلالا وإعظاما
قد كنت بالأمس أحلاما بأنفسنا ... فما أصابك حتى صرت أحلاما
كانت لنا من عطيات الشباب فما ... دامت علينا ولا المعطى لها داما
وقال من الكامل
أعوام لهو كان ينسى طولها ... ذكر النوى فكأنها أيام
ثم انبرت أيام هجر أردفت ... بجوى أسى فكأنها أعوام
ثم انقضت تلك السنون وأهلها ... فكأنها وكأنهم أحلام
منازل كانت مراتع الغزلان، ومطالع الوجوه الحسان، ومسانح الضباء الأونس، ومسارح المها الكوانس، ومطامح الأبصار، مطارح الإيراد والإصدار، وفواتح الملاذ والمسار، وبروج الكواكب الشوارق، ومجر الوالي ومجرى السوابق، وديار الأحباب وقرار النطف العذاب، ومجال الجذل والنشاط، ومحال اللهو والانبساط، ومشارق الأنوار، ومنابت النوار، ومنازل الأقمار، ومحاسن الآثار، وصاحب الأذيال، ومناخ الآمال، ومحط الرحال، ومصارع العشاق، وجوامع الرفاق فتركناها رغما، وفارقناها حتما، وعاد الزمان، فيها حربا، وكان سلما.
من الكامل
يا دهر كم لك مثلها من غدرة ... ولأنت اجدر أن تخون وتغدرا
جار الأحبة في قضايا حبهم ... فغدوت اظلم في القضاء وأجورا
أحبابنا النائين هل من عودة ... يصفو بها من عيشنا ما كدرا
قد طال في طول البعاد تعللي ... بعسى وليت وهل يكون وهل ترى
إذا مر ذكرها بالبال، ارتسمت فيلوح الخيال، انشدها لسان الحال،: من الطويل
ودار ندامى عطلوها وأدلجوا ... بها أثر منهم جديد ودارس
مساحب من جر الزقاق على الثرى ... وأضغاث ريحان جني ويابس
حبست بها صحبي وجددت عهدها ... وأني على أمثال تلك لحاسب
تدار علينا الراح في عسجدية ... حبتها بأنواع التصاوير فارس
قرارتها كسرى وفي جنباتها ... مها تدريها بالقسي الفوارس
فللخمر ما زرت عليه جيوبها ... وللماء ما دارت عليه القلانس
وللشعراء في الوقوف على الديار، والتردد في الآثار والبكاء في الأطلال، وتذكر أيام الوصال، معان ترقص لها الأسماع طربا، ويستشعر العشاق هما ونصبا اذكر لمعا من وشيها المرموق، وأعود إلى أبيات الخدوم. قال ذو الرمة: من الطويل
ألا يا اسلمي يا دار مي على البلى ... ولازال منهلا بجرعائك القطر
وقال أبو تمام:
وقفوا علي اللوم حتى خيلوا ... إن الوقوف على الديار حرام
لا مر يوم واحد إلا وفي ... أحشائه لمحلتيك غمام
وقال البحتري: من الطويل
رأى البرق مجتازا فصار بلا لب ... وأصباه من ذكر البخيلة ما يصبي
وقد عاج في أطلالها غير ممسك ... لدمع، ولا مصغ إلى عذل الركب
قال السيد الرضي: من الكامل
ولقد وقفت على منازلهم ... وطلوعها بيد البلى نهب
فوقفت حتى ضج من لغب ... نضوي، وعج بعذلي الركب
وتلفت عيني، فمذ خفيت ... عني الطلول تلفت القلب
وقد جاء السيد بما لا يرد حسنة، ولا يدفع، وغير في وجه من شكا وجع الليت والاخدع، وقال ابن الاردخل.
من المنسرح
وقفت فيها وآي ارسمها ... ممحوة بالمحول أحرفها
مكفكفا عبرتي وودي لو ... أني ابكي ولا اكفكفها
ماذا على الركب من أراقتها ... هل هي إلا بلوى أخففها
وقلت: مجزؤء البسيط
واستعدلي دمع السحاب فقد ... أفنيت دمعي على الرسوم الخوالي
واعد لي ذكر العقيق وأيام تقضت أيامه وليالي
1 / 6