لِأَن شَأْنهمْ فى النَّاس أَيْضا غير الشؤن المألوفة وَهَذِه الْمُغَايرَة من أهم مَا امتازوا بِهِ وَقَامَ مِنْهَا الدَّلِيل على رسالتهم وَالدَّلِيل على سَلامَة شهودهم وَصِحَّة مَا يحدثُونَ عَنهُ أَن أمراض الْقُلُوب تشفى بدوائهم وَأَن ضعف العزائم والعقول بِالْقُوَّةِ فى أممهم الَّتِى تَأْخُذ بمقالهم وَمن الْمُنكر فى البديهة أَن يصدر الصَّحِيح من معتل ويستقيم النظام بمختل
أما أَرْبَاب النُّفُوس الْعَالِيَة والعقول السامية من العرفاء مِمَّن لم تدن مَرَاتِبهمْ من مَرَاتِب الْأَنْبِيَاء وَلَكنهُمْ رَضوا أَن يَكُونُوا لَهُم أَوْلِيَاء وعَلى شرعهم ودعوتهم أُمَنَاء فكثير مِنْهُم نَالَ حَظه من الْأنس بِمَا يُقَارب تِلْكَ الْحَال فى النَّوْع أَو الْجِنْس لَهُم مشارفة فى بعض أَحْوَالهم على شىء فى عَالم الْغَيْب وَلَهُم مشَاهد صَحِيحَة فى عَالم الْمِثَال لَا تنكر عَلَيْهِم لتحقيق حقائقها فى الْوَاقِع فهم لذَلِك لَا يستعبدون شَيْئا مِمَّا يحدث بِهِ عَن الْأَنْبِيَاء صلوَات الله عَلَيْهِم وَمن ذاق عرف وَمن حرم انحرف وَدَلِيل صِحَة مَا يتحدثون بِهِ وَعنهُ ظُهُور الْأَثر الصَّالح مِنْهُم وسلامة أَعْمَالهم مِمَّا يُخَالف شرائع انبيائهم وطهارة فطرهم مِمَّا يُنكره الْعقل الصَّحِيح أَو يمجه الذَّوْق السَّلِيم واندفاعهم بباعث من الْحق النَّاطِق فى سرائرهم المتلألىء فى بصائرهم إِلَى دَعْوَة من يحف بهم إِلَى مَا فِيهِ خير الْعَامَّة وترويح قُلُوب الْخَاصَّة وَلَا يَخْلُو الْعَالم من متشبهين بهم وَلَكِن مَا أسْرع مَا ينْكَشف حَالهم ويسوء مآلهم ومآل من غرروا بِهِ وَلَا يكون لَهُم إِلَّا سوء الْأَثر فى تضليل الْعُقُول وَفَسَاد الْأَخْلَاق وانحطاط شَأْن الْقَوْم الَّذين رزئوابهم إِلَّا أَن يتداركهم الله بِلُطْفِهِ فَتكون كلمتهم الخبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فَوق الأَرْض مَالهَا من قَرَار فَلم يبْق بَين المنكرين لأحوال الْأَنْبِيَاء ومشاهدهم وَبَين الْإِقْرَار بِإِمْكَان مَا أنبثوا بِهِ وبوقوعه إِلَّا حجاب من الْعَادة وَكَثِيرًا مَا حجب الْعُقُول حَتَّى عَن إِدْرَاك أُمُور مُعْتَادَة
1 / 60