فما بالي يا خالي، لا أعرف فيك بشاشة للمسألة؟ لا تكن من الذين إذا طلبت منهم الحاجة سكتوا، وإذا سئلوا في الشيء المعرض نكتوا. اسق نغبة من صفنك يقيض لك ربك من يملأ مزادتك؛ وأطعم المقوي ثمرة من دجوبك يحفظ ربك حائشك؛ وأعن حاطبك بالشبم يعظم نارك، وانصر المظلوم بالكلمة تنثر باليد واللسان؛ واغد البائن أكن معليك، وكن السابق أدع مصليك. وأعر الجازر مدية يطعمك من أطايب الجزور، وأعط المورد مرسًا يور غنمك؛ ولا تضيعن حق الرحم فإنه لا يجهل: إن العامري ليحس للسعدي، وإن الرجل من بلى ينتصر للفتى من ولد مرة بن عوف، وما بينهما إلا صهر البلوية. وحسبك بما يعتقده بنو النجار في بني عبد المطلب؛ وزهرة برسول الله ﷺ أحق من بني أمية. وإن أحياء قضاعة لتعطف على أحياء مدركة، والذي أوجب ذلك ولادة " ليلى " طابخة وأخاه. عند إلياس بن مضر.
وقبلك أحبت كلب بن وبرة " عبد العزيز " ورئمت قيس " بشر بن مروان " وإن القبط لتلزمهم النصرة لولد إسماعيل، من قبل " هاجر " ﵉.
والخال أثبت نسبًا من العم، لأن الرجل يشك في نسبه من قبل أبيه، ولا يشك في نسبه من قبل أمه.
على أن سوء الحظ يرمي الحقوق بالعقوق.
وإن اصطنعتني بيد، جازيتك بثناء مخلد، قال الشاعر:
ارفعْ صديقَكَ لا يَحُرْ بِك ضعفُه ... يومًا فتُدركه العواقبُ قد نَمَى
يَجْزيك أَو يُثنى عليكَ وإنَّ مَنْ ... أثْنى عليك بما فعلت فقد جَزى
وكأني بقلة الجد قد شنعت صوتي في أذنك، وأساءت نقبتي في نظرك، وضعفت حواري في لبك، والقدر نوعان: جد وحد، فالجد يرعى النعم وربه نائم، ويحفظ بيت المكثر وقعيدته غائبة، ويحوط اللاعب وإن لمس بيده الأراقم، ويطعم الهجرس فريس الضيغم، والغراب الأبقع قنيص الباز الأشهب، ويقيم الحرة على رأس الأمة، ويجعل حجل الخدلة في ساق الكرواء، وسوار الغيل الناعم في ذراع المدشاء، ويكسو الوادع وإن غفل عن طلاب الشرف، محاسن المشمر في طلاب المجد والكرم. وينسب إلى البيطن أمطار الشرطين، وإلى الثريا نوء السماك.
والحد، يخرج الأكلة من فم الغرثان حتى يلقيها في جول القليب، ويقلد المخدرة ذات العفة قلائد الرواد المومس، ويجعل ثوب الخرص حليف الإعدام طعمة للغاضية من النيران؛ ويوهم النابل أن قرنه مملوء بالنبل وأنه قد خرس من أجل الكثرة، فإذا عيث يرجع لم يصادف من أهزع؛ ويرد الواردة عن الماء الخضرم تشتكي لهاث الحرة؛ ويعلم الوالدة عقوق الطفل الصغير، ويسلك بالدليل الخريت وادي تؤلة وطريق العنصلين؛ ويوهم صاحب الواعد أن المرجبة حضلت فيرسل عليها الجذوة.
ولا يغرنك ما تراه في الكفل والأقراب من الجلب والندوب، فإن المطر إذا جاد الأرض ضحكت بعد عبوس وخرجت إلى النعمة من البؤس.
فيجوز والله قدير، أن ينطق الصاهل - وهو " تعالى " منطق كل الحيوان فيقول: اطرقي يا ماعلة، وأطري فإنك ناعلة. وانغلي في الشاكلة فإن عليها برجدًا، وأوضعي في الجرد تحتك أجدًا. دعواك من قلة رعواك، ومن أدعى فبئس ما سعى: إن كان صادقًا فالشاهد لنفسه لا يقبل وإن كان كاذبًا فالكذب خبل وخبل:
لم تدعى الأمر لمه
ووكل بلاء بالكلمه
إن كنت يمينًا فالحنث إزاءها قائم، وإن كانت عدة فكأن الخلف عليها دائم، وإن كانت سوفية فأخلق بها ألا توجد وفية. لو ادعت العضاه أن ثمرها البرم، لوقع في نفوس بعض الشجر شك في ذلك؛ أو زعم اليربوع أن الراهطاء ملك يمينه لأمكن في قضاء الله أن ينازعه فيها عضل أو قزلاء؛ ولو خطر في نفس الدرة وهي في المحارة أنها الغريبة من الدر، جاز أن يحولها الله القادر حيوانًا لا ينتفع به، أو نطفة ليست بالمروية.
ويكفيك عيبًا للمدعين، أن رسول الله ﷺ جعل البينة على المدعي، وحسبك بتلك ظنة.
1 / 6