16

Message of Harmony Among Muslims

رسالة الألفة بين المسلمين

Editor

عبد الفتاح أبو غدة

Editorial

دار البشائر الإسلامية

Edición

الأولى

Año de publicación

1417 AH

Ubicación del editor

حلب

سَمِّه (كتاب السنَّة)))(١). أي يسمِّيه بهذا دلالةً على تعدُّد المروي عن النبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وبِساطُ السنَّةُ فسيحٌ فيه سعةٌ.

قال: ((ولهذا كان بعضُ العلماء يقولُ: إجماعُهم حجةٌ قاطعةٌ، واختلافُهم رحمةٌ واسعةٌ))(٢). وكان عُمَرُ بنُ عبد العزيز يقولُ: ما يَسُرُّني أن أصحابَ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم لم يَختَلِفُوا، لأنهم إذا اجتمعُوا على قولٍ فخالفَهم رجلٌ كان ضالاً، وإذا اختلفوا فأخذ رجلٌ بقولِ هذا، ورجلٌ بقولِ هذا، كان في الأمرِ سَعَةٌ.

وكذلك قال غيرُ مالكِ من الأئمة - وقد سَبَقَ النقلُ عن مالك - : ليس للفقيه أن يَحمِل الناسَ على مذهبِهِ.

ولهذا قال العلماءُ المُصنَّفُون في الأمرِ بالمعروف والنهي عن المنكر من أصحاب الشافعي وغيره: إن المسائلَ الاجتهادية لا تُنكر باليد، وليس لأحدٍ أن يُلزِمِ الناسَ باتباعِه فيها، ولكن يَتَكلَّمُ فيها بالحُججِ العلميةِ، فمن تبيَّن له صحةُ أحدِ القولين تَبِعه، ومن قَلَّد أهلَ القولِ الآخرِ فلا إنكارَ عليه)). انتهى كلامُ الشيخ ابن تيمية باختصار.

(١) وفي لفظٍ عند ابن أبي يعلى في ((طبقات الحنابلة)) ١١١:١: ((سمِّه كتاب السعة)) ولعله أشبَهُ. وقد سَبَق الإمامَ أحمد إلى هذه الفكرة العالية التابعيُّ الجليلُ طلحةُ بن مُصَرِّف رحمه الله تعالى، فقد روى أبو نعيم في ((حلية الأولياء)) ١١٩:٥ عن موسى الجُهَني: ((كان طلحةُ إذا ذُكِرَ عنده الاختلافُ، قال: لا تقولوا: الاختلاف، ولكن قولوا: السَّعَة)).

(٢) هو الإمام ابن قدامة المقدسي الحنبلي رحمه الله تعالى، قال ذلك في آخِرٍ وختام رسَالتِهِ اللطيفة: ((لُمْعَة الاعتقاد): ((وأما النسبة إلى إمام في فروع الدين كالطوائف - أي المذاهبِ - الأربع فليس بمذموم، فإنَّ الاختلاف في الفروع رحمة، والمختلفون فيه محمودون في اختلافهم، مثابون في اجتهادهم، واختلافُهم رحمةٌ واسعة، واتفاقُهم حُجَّة قاطعة)).

16