178

La Epístola Qushayriyya

الرسالة القشيرية

Investigador

الإمام الدكتور عبد الحليم محمود، الدكتور محمود بن الشريف

Editorial

دار المعارف

Ubicación del editor

القاهرة

ومن ذَلِكَ التقرب والبعد أول رتبة فِي القرب القرب من طاعته والاتصاف فِي دوام الأوقات بعبادته. وَأَمَّا البعد فَهُوَ التدنس بمخالفته والتجافي عَن طاعته فأول البعد بَعْد عَنِ التوفيق ثُمَّ بَعْد عَنِ التحقيق بَل البعد عَنِ التوفيق هُوَ البعد عَنِ التحقيق قَالَ ﷺ مخبرا عَنِ الحق سبحانه: مَا تقرب إلي المتقربون بمثل أداء مَا افترضت عَلَيْهِم ولا يزال العبد يتقرب إلي بالنوافل حَتَّى يحبني وأحبه فَإِذَا أحببته كنت لَهُ سمعا وبصرا فبي يبصر وبي يسمع الخير فقرب العبد أولا قرب بإيمانه وتصديقه ثُمَّ قرب بإحساسه وتحقيقه وقرب الحق سبحانه مَا يخصه اليوم بِهِ من العرفان وَفِي الآخرة مَا يكرمه بِهِ من الشهود والعيان وَفَيْمَا بَيْنَ ذَلِكَ بوجود اللطف والامتنان ولا يَكُون قرب العبد من الحق إلا ببعدنا من الخلق وَهَذَهِ من صفات القلوب دُونَ أحكام الظواهر والكون فقرب الحق سبحانه بالعلم والقدرة عام للكافة وباللطف والنصرة خاص بالمؤمنين ثُمَّ بخصائص التأنيس مختص بالأولياء قَالَ اللَّه تعالي: ﴿وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ﴾ [ق: ١٦] وَقَالَ تعالي: ﴿وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ﴾ [الواقعة: ٨٥] وَقَالَ تعالي ﴿وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ﴾ [الحديد: ٤] وَقَالَ: ﴿مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلا هُوَ رَابِعُهُمْ﴾ [المجادلة: ٧] ومن تحقق بقرب الحق ﷾ فأدونه دوام مراقبته إياه لأنه عَلَيْهِ رقيب التقوى ثُمَّ رقيب الحفاظ والوفاء ثُمَّ رقيب الحياء

1 / 192