Risala Ila Ahl Thughr
رسالة إلى أهل الثغر بباب الأبواب
Investigador
عبد الله شاكر محمد الجنيدي
Editorial
عمادة البحث العلمي بالجامعة الإسلامية،المدينة المنورة
Número de edición
١٤١٣هـ
Ubicación del editor
المملكة العربية السعودية
Géneros
Doctrinas y sectas
الإجماع الخامس عشر
وأجمعوا على أنه عادل في١ جميع أفعاله وأحكامه ساءنا ذلك، أم سرنا، نفعنا٢، أو ضرنا٣.
_________
١ في (ت) "على".
٢ ساقطة من (ت) .
٣ سبق أن أشار الأشعري في الإجماع الثاني عشر إلى أن الله يهدي من يشاء، ويضل من يشاء، وسيأتي ذكره لتقسيم الله لخلقه فرقتين، فرقة في الجنة، وفرقة في السعير.
وقد يعترض معترض على مقادير الله ﷿، فنص الأشعري هنا على أن الله عادل في أفعاله كلها.
قال الشهرستاني: "وأما العدل، فعلى مذهب أهل السنة: أن الله تعالى عدل في أفعاله، بمعنى أنه متصرف في ملكه يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، فالعدل وضع الشيء في موضعه، وهو التصرف في الملك على مقتضى المشيئة والعلم، والظلم بضده، فلا يتصور منه جور في الحكم وظلم في التصرف". (انظر الملل والنحل ١/٤٨، وانظر أيضًا شفاء العليل لابن القيم ص٣٧٧) .
وذهب المعتزلة إلى أن العدل: هو ما يقتضيه العقل من الحكمة وهو إصدار الفعل على وجه الصواب والمصلحة. (انظر الملل والنحل ١/٤٨، والمقالات ١/٢٩٨، ٢٩٩، والإبانة للأشعري ص٤٢) .
ومن هنا قالوا: إن الله لا يريد من العباد خلاف ما يأمر به. فالله لا يريد الشر والمعاصي، ولا يقدر شيئًا من ذلك، وعليه فالعبد خالق لأفعال نفسه، ولا دخل لله فيها.
والذي دفعهم إلى ذلك تسويتهم بين الإرادة العامة، وهي مشيئته المطلقة، وبين الإرادة الدينية وهي المتضمنة للمحبة والرضا، ولما لم يفرقوا بينهما قالوا: إن الله لا يرضى الكفر ولا يحبه، فهو لا يريده ولا يخلقه.
أما المحققون من أهل السنة فهداهم الله إلى الحق وفرقوا بينهما قائلين: إن الإرادة في كتاب الله نوعان:
أحدهما: إرادة كونية قدرية، وهي المشيئة الشاملة لجميع الحوادث، ومنها قوله تعالى: ﴿فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا﴾ وكقول المسلمين: ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، وهذه الإرادة هي التي يجب مرادها سواء أحبه الله ورضيه، أم لا.
والأخرى: إرادة دينية شرعية، وهي المتضمنة للمحبة والرضا ومنها قوله تعالى: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ وهذه الإرادة لا يجب مرادها، ولذلك تجد الناس يقولون لمن يفعل القبائح هذا ما لا يحبه الله ولا يرضاه.
وهذا التقسيم وارد عن أعلام السلف، وبه يزول كل إشكال ويتضح المراد في هذه القضية، كما يظهر خطأ المعتزلة في ذلك ويتضح أن قولهم بأن العبد يخلق فعل نفسه باطل. انظر ذلك بتفصيل في منهاج السنة النبوية ١/٣٥٩، ٣٦٠، وشفاء العليل ص٥٨٥- ٥٩٢، وشرح الطحاوية ص١٩٨، ١٩٩، ولوامع الأنوار البهية ١/٣٣٨.
1 / 139