2
وليس الغرض أيضا هو تقديم للنص وذلك عن طريق شرحه والتعليق عليه وإرجاعه إلى مصادره، فتلك مهمة الشارح والمعلق وكثيرا ما تحققت.
3
وليس الغرض أيضا دراسة مشكلة جزئية في موقف سبينوزا من الكتب المقدسة مثل مشكلة التفسير أو التعبير؛ فتلك مهمة المتخصصين والمحققين،
4
بل الغرض هو تطوير محاولة سبينوزا. ويتم ذلك بوسائل ثلاث:
الأولى:
تأكيد صدق تحليلات سبينوزا؛ وذلك بإعطاء تحليلات جديدة ودفع أفكاره إلى أقصى حدودها واستخلاص أبعد نتائجها، والكشف عما تركه سبينوزا غامضا نظرا لظروف العصر. وقد قيل عن سبينوزا من قبل: إنه فيلسوف مقنع يقول نصف الحقيقة ويترك النصف الآخر للذكاء أو للتاريخ أو للتطور الطبيعي. وعلى هذا النحو لا يعني التقديم مجرد العرض بل التطوير والتطبيق والتأييد. وهذه ميزة الفكر الخصب أو المنهج الأصيل الذي يولد بالتعامل معه أفكارا أخرى. ولا يعني ذلك الخروج على سبينوزا، أو التحمس له أكثر مما يجب، أو الوقوع في التطرف عندما يصبح الباحث سبينوزيا أكثر من سبينوزا نفسه؛ لأن هذا هو مصير الأفكار في التاريخ، عندما يفكر فيلسوف على فيلسوف سابق، فقد فكر هيجل على جدل أفلاطون وكانط، كما فكر ماركس على جدل هيجل.
الثانية:
إخراج سبينوزا من أبحاثه الخاصة وإلحاقه بالتراث الفلسفي في القرن السابع عشر بأكمله، سواء بديكارت فيما يتعلق بالمنهج، أو بريتشار سيمون وجان أوستريك فيما يتعلق بالنقد التاريخي للكتب المقدسة، ثم إخراج سبينوزا من القرن السابع عشر وإلحاقه بالتراث النقدي كله في القرون التالية؛ سواء فيما يتعلق بالنقد الفلسفي في القرن الثامن عشر، أو النقد العلمي في القرن التاسع عشر، أو النقد التاريخي ومدرسة الصور الأدبية في هذا القرن. ومن ثم يبدو سبينوزا معاصرا أشد المعاصرة، كما يبدو النقد التاريخي المعاصر وكأن له جذوره في مناهج سبينوزا النقدية.
Página desconocida