Tratado sobre cómo se propagan las religiones
رسالة في بيان كيفية انتشار الأديان
Géneros
لا لإكراه الناس على قبول الإسلام، بل بقصد حفظ هذه الجمعية الإسلامية التي يتكفل حفظها لهذا الدين بالانتشار شيئا فشيئا في الأرض، وأما ما عدا أولئك من الناس ممن لم يتعمدوا نكاية المؤمنين فإنه أذن للمؤمنين أن يبروهم ويقسطوا إليهم، فضلا عن أن يقاتلوهم أو يسيئوا معاملتهم وإن كانوا غير مسلمين، لذلك فهم بنظر الشارع غير داخلين في حكم ما دخل فيه غيرهم من المشركين الذين شرع الجهاد فيهم لرد بغيهم عن المسلمين، بدليل قوله تعالى:
لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين * إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون ، وقوله تعالى:
وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين .
فلا وجه بعد هذا للاحتجاج بمشروعية الجهاد على قيام الإسلام بالسيف؛ إذ معنى قيامه بالسيف هو الإكراه على قبول الإسلام، وهذا لم يحصل لامتناعه في أصل الشريعة ، ولأن الجهاد كما علمت لم يشرع لهذه الغاية، وإلا لما كان النبي
صلى الله عليه وسلم
أرسل دعاته بعد الفتح - فتح مكة - يدعون القبائل حول مكة للإسلام. هذا، وقد كان لديه ذلك الجيش الذي فتح به مكة وظفر بمن كانوا أشد الناس عداوة له وأعظمهم خطرا على المسلمين، إلا أنه لما لم تكن الغاية من الجهاد إلا دفع أذى المشركين الذين هم أشد ضررا على المسلمين ونكاية فيهم وكانت قريش كذلك، كان من الضروري أن يدفع شرها عن المسلمين بالحرب ويرد بغيها عليها بالقتال والقتل، بخلاف تلك القبائل التي أرسل الله النبي
صلى الله عليه وسلم
من يدعوها إلى الإسلام بالحكمة والموعظة الحسنة، فإنها إنما كانت تجاري قريشا في بعض الأحيان رهبة منهم لا رغبة فيهم، وتعمدا لنكاية المسلمين، وكان ممن بعثه رسول الله
صلى الله عليه وسلم
داعيا يومئذ لا محاربا خالد بن الوليد، بعثه إلى بني جذيمة ولم يأمره بقتال، فذهب وقاتلهم وقتل منهم من قتل، ولما انتهى الخبر إلى النبي
Página desconocida