فَشَرِبَ مِنْ دُمُوعِ آدَمَ، وَأَنْطَقَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ النَّسْرَ فَقَالَ: يَا آدَمُ أَنَا فِي هَذِهِ الأَرْضِ قَبْلَكَ بِأَلْفَيْ عَامٍ، وَقَدْ بَلَغْتُ شَرْقَ هَذِهِ الأَرْضِ وَغَرْبَهَا، وَشَرِبْتُ مِنْ بُطُونِ أَوْدِيَتِهَا، وَغُدْرَانِ جِبَالِهَا، وَسِيفِ بِحَارِهَا، مَا شَرِبْتُ مَاءً أَعْذَبَ وَلا أَطْيَبَ رَائِحَةً مِنْ هَذَا الْمَاءِ.
قَالَ آدَمُ: وَيْحَكَ يَا نَسْرُ! أَتَعْقِلُ مَا تَقُولُ؟ مِنْ أَيْنَ تَجِدُ عُذُوبَةَ دَمْعِ عَبْدٍ عَصَى رَبَّهُ وَجَرَى عَلَى خَدَّيْنِ عَاصِيَيْنِ؟ وَأَيُّ دَمْعٍ أَمَرُّ مِنْ دَمْعِ عَاصٍ! وَلَكِنْ أَظُنُّ أَنَّكَ أَيُّهَا النَّسْرُ أَنَّكَ تُعَيِّرُنِي لأَنِّي عَصَيْتُ رَبِّي، فَأُزْعِجْتُ مِنْ دَارِ النِّعْمَةِ إِلَى دَارِ الْبُؤْسِ وَالْمَسْكَنَةِ.
قَالَ النَّسْرُ: يَا آدَمُ أَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنَ التَّعْيِيرِ فَمَا أُعَيِّرُكَ، وَلَكِنْ هَكَذَا وَجَدْتُ طَعْمَ دُمُوعِكَ، وَأَيُّ دَمْعٍ أَعْذَبُ مِنْ دَمْعِ عَبْدٍ عَصَى رَبَّهُ، وَذَكَرَ ذَنْبَهُ، فَوَجِلَ قَلْبُهُ، وَخَشَعَ جِسْمُهُ، وَبَكَى عَلَى خَطِيئَتِهِ خَوْفًا مِنْ رَبِّهِ ﷿؟ "
! ١٦٣ وَذَكَرَ الإِمَامُ أَحْمَدُ ﵀ فِي الزُّهْدِ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا رَبَاحٌ، قَالَ: حُدِّثتُ عَنْ شُعَيبٍ الْجُبَّائِيِّ، قَالَ: «كَانَتِ الشَّجَرَةُ الَّتِي نَهَى اللَّهُ ﷿ عَنْهَا آدَمَ وَزَوْجَتَهُ شِبْهُ الْبُرِّ، اسْمُهَا الدَّعةُ.
وَكَانَ لِبَاسُهُمَا النُّورُ»
1 / 62